والخلاصة- إنهما يستعظمان قوله، ويلجآن إلى الله فى دفعه، ويدعوان عليه بالويل والثبور، ليستحثاه على ترك ما هو فيه، ويشعراه بأن ما يرتكبه جدير بأن يهلك فاعله.
ثم ذكر ردّه عليهما مع الاستهزاء بهما والتعجيب من حالهما.
(فَيَقُولُ: ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي فيقول مجيبا والديه، رادّا عليهما نصحهما، مكذبا بوعد الله: ما هذا الذي تقولان لى، وتدعوان إليه، إلا ما سطره الأولون من الأباطيل، فأصبتماه أنتما وصدقتما به، ولا ظلّ له من الحقيقة.
ثم ذكر سبحانه جزاء هؤلاء على ما قالوا واعتقدوا فقال:
(أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أي هؤلاء الذين هذه أوصافهم هم الذين وجب عليهم عذاب الله، وحلت عليهم عقوبته وسخطه، فيمن حل به العذاب من الأمم الذين قد مضوا من قبلهم من الجن والإنس ممن كذّبوا الرسل، وعتوا عن أمر ربهم.
وفى الآية إيماء إلى أن الجن يموتون قرنا بعد قرن كالإنس. قال أبو حيان فى البحر: قال الحسن البصري فى بعض مجالسه: الجن لا يموتون، فاعترضه قتادة بالآية فسكت.
وفيها ردّ أيضا على من قال: إنها نزلت فى عبد الرحمن بن أبى بكر، لأنه رضى الله عنه أسلم وجبّ عنه ما قبل وكان من أفاضل الصحابة، أما من حق عليه القول فهو من علم الله تعالى أنه لا يسلم أبدا.
ثم ذكر العلة فى هذا العذاب المهين فقال:
(إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) لأنهم ضيعوا فطرهم التي فطرهم الله عليها واتبعوا الشيطان، فغبنوا ببيعهم الهدى بالضلال، والنعيم بالعذاب.
ثم ذكر أن لكل من الفريقين الذين قالوا ربنا الله، والذي قال لوالديه مراتب متفاوتة فقال:


الصفحة التالية
Icon