وفى هذا تقريع لأهل مكة وتأنيب لهم على أنه لو كانت آلهتهم التي يعبدونها من دون الله تغنى عنهم شيئا، أو تنفعهم عنده- لأغنت عمن كان قبلهم من الأمم الذين أهلكوا بعبادتهم لها، فدفعت عنهم العذاب إذ نزل بهم، أو لشفعت لهم عند ربهم، لكنها أضرّتهم ولم تنفعهم، وغابت عنهم أحوج ما كانوا إليها، فما أحراهم أن يتنبهوا لما هم فيه من خطل الرأى وسوء التقدير للأمور.
(وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي وامتناع نصرة آلهتهم لهم وصلالهم عنهم- أثر من آثار إفكهم الذي هو اتخاذهم إياهم آلهة، وثمرة افترائهم على الله الكذب.
استماع الجن للقرآن
[سورة الأحقاف (٤٦) : الآيات ٢٩ الى ٣٢]
وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢)
تفسير المفردات
صرفنا: أي وجهنا، والنفر: ما بين الثلاثة والعشرة من الرجال، سموا بذلك:
لأنهم ينفرون إذا حزبهم أمر لكفايته، أنصتوا: أي اسكتوا، قضى: أي فرغ


الصفحة التالية
Icon