الإيضاح
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) أي الذين جحدوا توحيد الله، وعبدوا غيره، وصدوا من أراد عبادته والإقرار بوحدانيته وتصديق نبيّه عما أراد- جعل الله أعمالهم تسير على غير هدى، لأنها عملت فى سبيل الشيطان لا فى سبيل الرحمن، وما عمل للشيطان فمآله الخسران.
فما عملوه فى الكفر مما كانوا يسمونه مكارم أخلاق: من صلة الأرحام وفك الأسارى وإطعام الطعام وعمارة المسجد الحرام وإجارة المستجير وقرى الأضياف ونحو ذلك- حكم الله ببطلانه، فلا يرون له فى الآخرة ثوابا، ويجزون به فى الدنيا من فضله تعالى.
ونحو الآية قوله: «وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً».
قال ابن عباس: نزلت الآية فى المطعمين ببدر، وهم اثنا عشر رجلا: أبو جهل، والحارث بن هشام، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، وأبىّ، وأمية ابنا خلف، ومنبّه ونبيه ابنا الحجاج، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، والحارث بن عامر بن نوفل.
ولما ذكر سبحانه جزاء أهل الكفر، أتبعهم بثواب أهل الإيمان فقال:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) أي والذين صدقوا الله، وعملوا بطاعته، واتبعوا أمره ونهيه، وصدقوا بالكتاب الذي نزل على محمد، هو الحق من ربهم- محا الله بفعلهم سيىء ما عملوا فلم يؤاخذهم به، وأصلح شأنهم فى الدنيا بتوفيقهم لسبل السعادة، وأصلح شأنهم فى الآخرة بأن يورثهم نعيم الأبد والخلود الدائم فى جناته.