إلا عرفه، وقال أنس: فلم يخف منافق بعد هذه الآية على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عرّفه الله ذلك بوحي أو علامة عرفها بتعريف الله إياه.
وفى الحديث: «ما أسرّ أحد سريرة إلا كساه الله جلبابها، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر».
وروى أن أمير المؤمنين عثمان بن عفان قال: ما أسرّ أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه.
وقد ثبت فى الحديث تعيين جماعة من المنافقين، فقد روى أحمد عن عقبة ابن عامر قال: «خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خطبة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
إن فيكم منافقين فمن سميت فليقم، ثم قال: قم يا فلان، قم يا فلان، قم يا فلان حتى سمى ستة وثلاثين رجلا، ثم قال: إن فيكم منافقين فاتقوا الله، قال فمرّ عمر رضى الله عنه برجل ممن سمى مقنّع قد كان يعرفه، فقال مالك؟ فحدّثه بما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال بعدا لك سائر الدهر».
ثم وعد سبحانه وأوعد، وبشر وأنذر فقال:
(وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) فيجازيكم بما قدمتم من خير أو شر، إذ لا يضيع عمل عامل عدلا منه ورحمة.
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) أي ولنختبرنكم بالأمر بالجهاد وسائر التكاليف الشاقة حتى يتميز المجاهد الصابر من غيره، ويعرف ذو البصيرة فى دينه من ذى الشك والحيرة فيه، والمؤمن من المنافق، ونبلو أخباركم فنعرف الصادق منكم فى إيمانه من الكاذب.
قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى وقال:
اللهم لا تبتلنا، فإنك إذا بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا.