وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ؟»
أفما كان لكم فى ذلك مزدجر تعتبرون به، فتنيبوا إلى ربكم وتسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون؟
ونحو الآية قوله: «وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ» ثم بين لهم أن كل أعمالهم محصاة عليهم وسيحاسبون على النقير والقطمير فقال:
(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) أي وكل شىء يفعلونه، فيدسون به أنفسهم من الكفر والمعاصي، ويدنسونها به من الأرجاس والآثام فهو مقيّد لدى الكرام الكاتبين كما قال: «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» فما من صغيرة ولا كبيرة إلا وهى مسطورة فى دواوينهم، وصحائف أعمالهم، فليحذروا ما هم عليه قادمون من الحساب العسير على الجليل والحقير، يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
روى الإمام أحمد عن عائشة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول: «يا عائشة إياك ومحقّرات الذنوب، فإن لها من الله طالبا».
وقيل:

لا تحقرنّ من الذنوب صغيرا إن الصغير غدا يعود كبيرا
إن الصغير وإن تقادم عهده عند الإله مسطّر تسطيرا
فاسأل هدايتك الإله فتتئد فكفى بربك هاديا ونصيرا
وبعد أن ألمع إلى ما يصيب الكافرين من الإهانة فى ذلك اليوم- أردفه ما يناله المتقون من الكرامة عند ربهم، وما يحظون به من الشرف والزلفى، بحسب سنة القرآن من ذكر الثواب إثر العقاب والعكس بالعكس فقال:
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) أي إن الذين اتقوا عقاب ربهم فأطاعوه، وأدوا فرائضه واجتنبوا معاصيه، وأخلصوا له العمل فى السر والعلن، يثبهم بما عملوا جنات تجرى من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور


الصفحة التالية
Icon