(وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) أي وتفتت الجبال تفتتا، وصارت كثيبا مهيلا بعد أن كانت شامخة.
(فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) أي فصارت كالهباء المنبث الذي ذرته الريح وفرقته. وقال قتادة: صارت كيبيس الشجر الذي تذروه الرياح.
والخلاصة- إن الجبال تزول عن أماكنها حينئذ، وتنسف نسفا، وتكون كالعهن المنفوش.
(وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) أي وصرتم أصنافا ثلاثة، وكل صنف يذكر أو يوجد مع صنف آخر يسمى زوجا كالعينين والرجلين، فكل منهما يسمى زوجا، وهما معا زوجان، فهاهنا أزواج ثلاثة لا زوجان.
ثم فصل هذه الأزواج فقال:
(فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي فأصحاب الميمنة الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم، أىّ شىء هم فى حالهم وصفتهم وسعادتهم؟ والمراد أنهم فى حال هى الغاية فى الحسن والكمال.
ولا يخفى ما فى هذا من تفخيم شأنهم، وتعظيم أمرهم، وأنهم بلغوا حدا لا يقدر قدره من السعادة.
(وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) أي وأصحاب المشأمة الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، أي شىء هم فى حالهم؟ والمراد أنهم بلغوا الغاية فى سوء الحال.
وقال المبرد: أصحاب الميمنة أصحاب التقدم، وأصحاب المشأمة أصحاب التأخر، والعرب تقول اجعلنى فى يمينك، ولا تجعلنى فى شمالك، أي اجعلنى من المتقدمين ولا تجعلنى من المتأخرين اه.
أخرج أحمد عن معاذ بن جبل «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تلا هذه الآية ثم قبض بيديه قبضتين وقال هذه فى الجنة ولا أبالى وهذه فى النار ولا أبالى».