قال قتادة: كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر، ونفقتان إحداهما أفضل من الأخرى، كان القتال والنفقة من قبل فتح مكة أفضل من النفقة والقتال بعد ذلك.
(وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) أي وكل من المنفقين قبل الفتح وبعده لهم ثواب على ما عملوا، وإن كان بينهم تفاوت فى مقدار الجزاء كما قال فى آية أخرى: «لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً، وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى، وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً».
أخرج أحمد عن أنس قال: «كان بين خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها؟ فبلغ ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: دعوا لى أصحابى، فو الذي نفسى بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم».
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبى سعيد الخدرىّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تسبّوا أصحابى، فو الذي نفس محمد بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه».
ثم وعد وأوعد فقال:
(وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي والله عليم بظواهر أحوالكم وبواطنها، فيجازيكم بذلك، ولخبرته تعالى بكم فضّل أعمال من أنفق من قبل الفتح وقاتل على من أنفق بعده وقاتل، وما ذاك إلا لعلمه بإخلاص الأول فى إنفاقه فى حال الجهد والضيق.
ولأبى بكر الصديق الحظ الأوفر من هذه الآية، فإنه سيد من عمل بها، إذا أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله، ولم يكن لأحد عنده من نعمة يجزيه بها.
ثم ندب إلى الإنفاق فى سبيله، ووبخ على تركه فقال:
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) أي من هذا