قال سعيد بن جبير: الدنيا متاع الغرور إذا ألهتك عن طلب الآخرة، فأما إذا دعتك إلى طلب رضوان الله وطلب الآخرة فنعم المتاع ونعم الوسيلة.
ثم حث على عمل ما يوصل إلى مغفرة الله ورضوانه، ويمهد إلى الدخول فى جنات عرضها السموات والأرض، أعدها لمن آمن به وبرسله فضلا منه ورحمة وهو المنعم عظيم الفضل.
الإيضاح
(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) أي اعلموا أيها الناس أن متاع الدنيا ما هو إلا لعب ولهو تتفكهون به، وزينة تتزينون بها، وبها يفخر بعضكم على بعض، وتتباهون فيها بكثرة الأموال والأولاد.
ثم ضرب مثلا يبين أنها زهرة فانية، ونعمة زائلة فقال:
(كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً) أي ما مثل هذه الحياة فى سرعة فنائها وانقضائها على عجل إلا مثل أرض أصابها مطر وابل، فأنبتت من النبات ما أعجب الزراع وجعلهم فى غبطة وحبور، وبهجة وسرور، وبينا هو على تلك الحال إذا هو يصوح ويأخذ فى الجفاف واليبس، ثم يكون هشيما تذروه الرياح.
ونحو الآية قوله: «إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ، حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ».
ثم ذكر عاقبة المنهمكين فيها، الطالبين لتحصيل لذاتها، المتهالكين فى جمع حطامها والمعرضين عنها الطالبين لرضوان ربهم فقال: