أي بعد أن ذهبت رسلنا إلى قوم لوط ووقعت بينهم وبينهم محاورات لم يدع الحال إلى ذكرها هنا- أخرجوا من كان فى القرى من المؤمنين تخليصا لهم من العذاب، ولم يجدوا فيها سوى بيت واحد أسلم وجهه لله ظاهرا وباطنا، وانقاد لأوامره واجتنب نواهيه، وهو بيت لوط ابن أخى إبراهيم عليه السّلام.
عن سعيد بن جبير قال: كانوا ثلاثة عشر.
قال أبو مسلم الأصفهانى: الإسلام الاستسلام لأمر الله والانقياد لحكمه، فكل مؤمن مسلم، ومن ذلك قوله تعالى: «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا».
وقد أوضح الحديث الشريف الفرق بينهما،
فجاء فى الصحيحين وغيرهما من طرق عدة «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الإسلام فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان. وسئل عن الإيمان؟ فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالقدر خيره وشره».
(وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) أي وجعلناها عبرة بما أنزلنا بها من العذاب والنكال وحجارة السجيل، وخسف الأرض بهم حتى صارت قريتهم بحيرة منتنة خبيثة وهى بحيرة طبرية، لتكون ذكرى لن يخشى الله ويخاف عذابه.
وفى الآية إيماء إلى أن الكفر متى غلب، والفسق إذا انتشر، لا تنفع معه عبادة المؤمنين، أما إذا كان أكثر الخلق على الطريقة المستقيمة وفيهم شرذمة يسيرة يسرقون ويفجرون، فإن الله لا يأخذ الكثرة الصالحة بذنب العدد القليل من الفاجرين.
[سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٣٨ الى ٤٦]
وَفِي مُوسى إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠) وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (٤١) ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (٤٢)
وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣) فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ (٤٥) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٤٦)