لِأُولاهُمْ»
أي وقال وضعاؤهم لأشرافهم ورؤسائهم، وقد جاء لفظ (الأخرى) بهذا المعنى بين المصريين فيقول: هو الآخر وهى الأخرى، يريدون الضعة وتأخر القدر والشرف، ضيزى: من ضزته حقه (بالضم والكسر) أي نقصته، والمراد أنها قسمة جائرة غير عادلة، قال امرؤ القيس:
ضازت بنو أسد بحكمهم | إذ يجعلون الرأس كالذنب |
بعد أن بين ما رآه محمد صلّى الله عليه وسلّم من العجائب ليلة المعراج- قال للمشركين ماذا رأيتم فى هذه الأصنام؟ وكيف تحصرون أنفسكم فى العالم المادي وأصنامه، وتقطعون على أنفسكم طريق التقدم والارتقاء، وإن النفس لا ترقى إلا بما استعدت له، فإذا وقفت النفوس عند هذه المادة وتلك الأصنام لم يكن لها عروج إلى السماء، ولا سيما أن هذه الأصنام لا تشفع لهم عند ربهم ولا تجديهم نفعا.
الإيضاح
(أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى. وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى؟) أي أفبعد أن سمعتم ما سمعتم من آثار كمال الله عز وجل وعظمته فى ملكه وملكوته، وجلاله وجبروته، وأحكام قدرته ونفاذ أمره، وأن الملائكة على رفعة مقامهم وعلوّ قدرهم ينتهون إلى السدرة ويقفون عندها- تجعلون هذه الأصنام على حقارة شأنها شركاء لله مع ما علمتم من عظمته.
وفى هذا تقريع شديد، وتوبيخ عظيم، وتأنيب لا إلى غاية، وإن عاقلا لا ينبغى أن يخطر بباله مثل هذا، ويمتهن رأيه إلى هذا الحد.
روى أن أبا سفيان قال يوم أحد: لنا العزّى ولا عزّى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم.