ثم ذكر السبب فى الأمر بالإعراض عنهم فقال:
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) أي إن ربك هو العليم بمن واصل ليله بنهاره، وصباحه بمسائه، مفكرا فى آياته فى الكون، وفيما جاء على ألسنة رسله، حتى اهتدى إلى الحق الذي ينجيه فى آخرته، ويبلغه رضوان ربه، ويبلغه سعادة الدنيا بالسير على السنن التي وضعها فى خليقته، فاحتذى حذوها، وسار على إثرها- وبمن حاد عن طريق النجاة وجعل إلهه هواه وركب رأسه، فلم يلو على شىء مما جاء به الداعي الناصح الأمين، وإنه لمجاز كلّا بما كسب واكتسب، وسيجزيه على الجليل والحقير، والصغير والكبير، بحسب ما أحاط به واسع علمه، وبمقدار فضله على من أخبت إليه كما قال: «لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ» ونكاله بمن دسّى نفسه واجترح السيئات، مصداقا لقوله: «نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ».
والخلاصة- إن هؤلاء قوم لا تجدى فيهم الذكرى، ولا تؤثر فيهم العظة، فلا تبتئس بما كانوا يفعلون.
[سورة النجم (٥٣) : الآيات ٣١ الى ٣٢]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (٣٢)