وجاء عنه أيضا: «انشق القمر على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت قريش: هذا سحر بن أبى كبشة، فقال رجل انتظروا ما يأتيكم به السفّار، فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس، فجاء السفار فأخبروهم بذلك» رواه أبو داود والطيالسي،
وفى رواية البيهقي «فسألوا السفار وقد قدموا من كل وجه فقالوا رأيناه، فأنزل الله تعالى اقتربت الساعة وانشق القمر».
والذي يدل على أن هذا إخبار عن حدث مستقبل لا عن انشقاق ماض- أمور:
(١) إن الإخبار بالانشقاق أتى إثر الكلام على قرب مجىء الساعة، والظاهر تجانس الخبرين وأنهما خبران عن مستقبل لا عن ماض.
(٢) إن انشقاق القمر من الأحداث الكونية الهامة التي لو حصلت لرآها من الناس من لا يحصى كثرة من العرب وغيرهم، ولبلع حدا لا يمكن أحدا أن ينكره، وصار من المحسوسات التي لا تدفع، ولصار من المعجزات التي لا يسع مسلما ولا غيره إنكارها.
(٣) ما ادعى أحد من المسلمين إلا من شذ أن هذه معجزة بلغت حد التواتر، ولو كان قد حصل ذلك ما كان رواته آحادا، بل كانوا لا يعدّون كثرة.
(٤) إن حذيفة بن اليمان وهو ذلكم الصحابي الجليل خطب الناس يوم الجمعة فى المدائن حين فتح الله فارس فقال: ألا إن لله تبارك وتعالى يقول: اقتربت الساعة وانشق القمر، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق، ألا وإن الغاية النار، والسابق من سبق إلى الجنة، فهذا الكلام من حذيفة فى معرض قرب مجىء الساعة وتوقع أحداثها، لا فى كلام عن أحداث قد حصلت تأييدا للرسول وإثباتا لنبوته، لأن ذلك كان فى معرض العظة والاعتبار.
وبعد أن ذكر قرب مجىء الساعة وكان ذلك مما يستدعى انتباههم من غفلتهم، والتفكير فى مصيرهم، والنظر فيما جاءهم به الرسول من الأدلة المثبتة لنبوته، والمؤيدة