فإنهم قد بلغوا حدا لا يقنعون معه بحجة ولا برهان، فأحرى بك ألا تلتفت إلى نصحهم وإرشادهم، فقد عييت بأمرهم، وبرمت بعنادهم.
(يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) أي واذكر حين ينادى الداعي إلى شىء فظيع تنكره نفوسهم، إذ لا عهد لها بمثله، وهو موقف الحساب وما فيه من أهوال.
وقد جرت العادة أن من ينصح شخصا لا يؤثر فيه النصح أن يعرض عنه ويقول لسواه ما فيه نصح للمعرض عنه، وهدايته وإرشاده لو أراد.
ثم ذكر حال الكافرين فى هذا اليوم فقال:
(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) أي يخرجون من قبورهم ذليلة أبصارهم من هول ما يرون، كأنهم فى انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعى- جراد قد انتشر فى الآفاق.
وجاء تشبيهم فى الآية الأخرى بالفراش فى قوله «يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ».
وهم يكونون أولا كالفراش حين يموجون فزعين، لا يهتدون أين يتوجهون، لأن الفراش لا جهة لها تقصدها، ثم يكونون كالجراد المنتشر إذا توجهوا للحشر، فهما تشبيهان باعتبار وقتين، وحكى ذلك عن مكى بن أبى طالب.
(مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) أي مسرعين إلى الداعي لا يخالفون ولا يتأخرون، ويقولون هذا يوم شديد الهول سيىء المنقلب.
ونحو الآية قوله: «فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ. عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ».
وفى هذا إيماء إلى أنه هين على المؤمن لا عسر فيه ولا مشقة.