فاتركوا البيع واسعوا لتسمعوا موعظة الإمام فى خطبته، وعليكم أن تمشوا الهوينى بسكينة ووقار حتى تصلوا إلى المسجد.
روى الشيخان عن أبى هريرة أن النبي ﷺ قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون (تسرعون) وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتموا».
وعن أبى قتادة قال: «بينما نحن نصلى مع النبي ﷺ إذ سمع جلبة رجال، فلما صلى قال: ما شأنكم؟ قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: فلا تفعلوا، إذا أتيتم فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتموا» رواه البخاري ومسلم.
(ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي ذلكم السعى وترك البيع خير لكم من التشاغل بالبيع وابتغاء النفع الدنيوي فإن منافع الآخرة خير لكم وأبقى، فهى المنافع الباقية، أما منافع الدنيا فهى زائلة، وما عند الله خير لكم إن كنتم من ذوى العلم الصحيح بما يضر وما ينفع.
ثم ذكر ما يفعلون بعد الصلاة فقال:
(فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) أي فإذا أديتم الصلاة فتفرقوا لأداء مصالحكم الدنيوية بعد أن أديتم ما ينفعكم فى آخرتكم، واطلبوا الثواب من ربكم، واذكروا الله وراقبوه فى جميع شئونكم، فهو العليم بالسر والنجوى، لا تخفى عليه خافية من أموركم، لعلكم تفوزون بالفلاح فى دنياكم وآخرتكم.
وفى هذا إيماء إلى شيئين:
(١) مراقبة الله فى أعمال الدنيا حتى لا يطغى عليهم حبها بجمع حطامها بأيّ الوسائل من حلال وحرام.