الرِّزْقِ»
وقوله: «يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا».
ثم توعد من يفعل ذلك فقال:
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) أي ومن تلهّ بالدنيا وشغلته عن حقوق الله فقد باء بغضب من ربه، وخسرت تجارته، إذ باع خالدا باقيا، واشترى فانيا زائلا وكيف يرضى عاقل بمثل هذه التجارة الخاسرة؟
ومن أهم ما يقرب العبد من ربه، ويجعله يفوز برضوانه- رحمة البائسين من عباده، وبذل المال فى الوجوه التي فيها سعادة الأمة، وإعلاء شأن الملة، وانتشار الدعوة، ومن ثم قال:
(وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) أي وأنفقوا بعض ما أعطيناكم من فضلنا من الأموال، شكرا على النعمة، ورحمة بالفقراء من عباده، وادخروا ذلك ليوم العرض والحساب، فتجنوا ثمار ما عملتم، ولا تدخروه فى صناديقكم، وتدعوه لوارثكم، فربما أضاعه فيما لا يكسبكم حمدا ولا مدحا، بل يكسبكم ذما وقدحا.
وقد جاء فى الخبر: «أطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»
وجاء أيضا: «يا ابن آدم ليس لك من مالك إلا ما لبست فأبليت، أو أكلت فأفنيت، أو تصدّقت فأبقيت».
ولا تنتظروا حتى يحين وقت الاحتضار، وتروا الموت رأى العين، ثم تتمنون أن لو مدّ الله فى الأجل، وأطال العمر، لتتداركوا ما فات، وتحسنوا العمل، وتساعدوا البائسين وذوى الحاجة، فهيهات هيهات، فليس ذا وقت الندم.

ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
فأتى للعمر أن يطول، وللحياة أن تزيد، ولكل نفس أجل لا تعدوه، وعمر


الصفحة التالية
Icon