والخلاصة- إن على المؤمن واجبين:
(١) السعى وبذل الجهد فى جلب الخير ودفع الضر ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
(٢) التوكل على الله بعد ذلك، اعتقادا منه أن كل شىء يحدث فإنما هو بقضائه وقدره، فلا يغتم ولا يحزن لدى حلول الشر، ولا يتمادى فى السرور عند مجىء الخير.
ثم بين أن الإيمان يضىء القلب، ويشرح الصدر لخير العمل فقال:
(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) ويشرح صدره، لازدياد الخير والمضي قدما فى طاعة الله، وأىّ نعمة أعظم من هذه النعمة؟ جدّ فى عمل الخير، واستراحة لدى الغم والحزن، واطمئنان للنفس، ووثوق بفضل الله.
(وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي والله عليم بالأشياء كلها، فهو عليم بالقلوب وأحوالها ومطلع على سرها ونجواها، فاحذروه وراقبوه فى السر والعلن، كما جاء فى الأثر «اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك»، (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) أي وأطيعوا الله فيما شرع، وأطيعوا رسوله فيما بلّغ، وافعلوا ما به أمر، واتركوا ما عنه نهى وزجر، فإن أعرضتم عن ذلك فإنما عليه أداء ما حمل من الرسالة، وعليكم ما حملتم من السمع والطاعة، وهو قد أدى ما عليه، ولا يكلف شيئا بعد ذلك.
(اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي وحدوا الله وأخلصوا له العمل وتوكلوا عليه، ونحو الآية قوله: «رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا».
وفى هذا إيماء إلى أن المؤمن لا يعتمد إلا عليه، ولا يتقوّى إلا به، لأنه يعتقد أنه لا قادر فى الحقيقة إلا هو، وفيه حث لرسوله ﷺ على التوكل