فى سبيل إصلاحهم، ولا يكن من الآباء مما كسة فى الأجر وسائر النفقات، ولا من الأمهات معاسرة وإحراج للآباء، فالأولادهم فلذات أكبادهم، فليحافظوا عليهم جهد المستطاع.
ثم أرشد إلى ما يجب أن يعمل إذا لم يحصل الوفاق بين الأبوين فى الإنفاق فقال:
(وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) أي وإن ضيق بعضكم على بعض بأن شاحّ الأب فى الأجر، أو اشتطت الأم فى طلب زيادة لا يؤديها أمثاله، فليحضر الأب مرضعا أخرى تقوم بالإرضاع، فإن رضيت الأم بمثل ما استؤجرت به الأجنبية فهى أحق بولدها.
وفى الآية إيماء إلى معاتبة الأم، فهو كقولك لمن تطلب منه حاجة فيتوانى فى قضائها:
إن لم تقضها فسيقضيها غيرك، وكأنه قال له: إنها ستقضى وأنت ملوم.
وإنما خص الأم بالعتاب، لأن المبذول من جهتها هو لبنها لولدها، وهو ليس بمال ولا مما يضنّ به فى العرف ولا سيما من الأم، والمبذول من جهة الأب هو المال وهو مضنون به فى العادة، فهى إذا أجدر باللوم وأحق بالعتب.
هذا إذا قبل الولد ثدى مرضع أخرى، فإن لم يقبل إلا ثدى الأم وجب عليها الإرضاع.
ثم بين مقدار الإنفاق بقوله:
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ) أي لينفق الولد على المرضع التي طلّقت منه بقدر سعته وغناه.
(وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ) أي ومن كان رزقه بمقدار القوت فحسب فلينفق على مقدار ذلك.
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) أي لا يكلف الله أحدا من النفقة على من تلزمه نفقته بالقرابة والرحم إلا بمقدار ما آتاه من الرزق، فلا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغنى.