ببعض الحديث الذي أفشته وهو قوله لها: كنت شربت عسلا عند زينب بنت جحش فلن أعود، وأعرض عن بعض الحديث وهو قوله وقد حلفت، فلم يخبرها به تكرما منه لما فيه من مزيد خجلتها، ولأنه ﷺ ما كان يود أن يشاع عنه اهتمامه بمرضاة أزواجه إلى حد امتناعه عن تناول ما أحل الله له.
(فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا؟ قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) أي فلما أخبر حفصة بما دار بينها وبين عائشة من الحديث، قالت من أنبأك بهذا؟ ظمّا منها أن عائشة قد فضحتها بإخبارها
رسول الله ﷺ قال: أخبرنى ربى العليم بالسر والنجوى الخبير بما فى الأرض والسماء لا يخفى عليه شىء فيهما.
وفى الآية إيماء إلى أمور اجتماعية هامة:
(١) أنه لا مانع من الإباحة بالأسرار إلى من تركن إليه من زوجة أو صديق.
(٢) أنه يجب على من استكتم الحديث أن يكتمه.
(٣) أنه يحسن التلطّف مع الزوجات فى العتب والإعراض عن الاستقصاء فى الذنب.
ثم وجه الخطاب لحفصة وعائشة مبالغة فى العتب فقال:
(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) أي إن تتوبا من ذنبكما وتقلعا عن مخالفة رسوله ﷺ فتخبّا ما أحب وتكرها ما كرهه- فقد مالت قلوبكما إلى الحق والخير، وأديتما ما يجب عليكما نحوه ﷺ من إجلال وتكريم لمنصبه الشريف.
روى عن ابن عباس أنه قال: لم أزل حريصا أن أسأل عمر رضى الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي ﷺ اللتين قال الله لهما «إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ» الآية.
حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق نزل ليتوضأ فصببت على يديه، فقلت يا أمير المؤمنين: من المرأتان من أزواج النبي ﷺ اللتان