قال ابن عباس: إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله ﷺ حتى شقوا عليه، وأراد الله أن يخفف عن نبيه فأنزل هذه الآيات فكف كثير من الناس عن المناجاة.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) أي أيها المؤمنون إذا أراد أحد منكم أن يناحى الرسول ويسارّه فيما بينه وبينه- فليقدم صدقة قبل هذا، لما فى ذلك من تعظيم أمر الرسول ﷺ ونفع الفقراء والتمييز بين المؤمن حقا والمنافق، ومحب الآخرة ومحب الدنيا، ومن دفع التكاثر عليه ﷺ من غير حاجة ملحّة إلى ذلك.
ثم ذكر العلة فى هذا فقال:
(ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ) أي إن فى هذا التقديم خيرا لكم لما فيه من الثواب العظيم عند ربكم، ومن تزكية النفوس وتطهيرها من الجشع فى جمع المال وحب ادخاره، وتعويدها بذله فى المصالح العامة كإغاثة ملهوف، ودفع خصاصة فقير، وإعانة ذى حاجة، والنفقة فى كل ما يرقّى شأن الأمة ويرفع من قدرها، ويعلى كلمتها، ويؤيد الدين وينشر دعوته.
ثم أقام العذر للفقراء فقال:
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي فإن لم تجدوا الصدقة أيها الفقراء وعجزتم عن ذلك فالله قد رخص لكم فى المناجاة بلا تقديم لها، لأنه ما أمر بها إلا من قدر عليها.
وقد شرع هذا الحكم لتمييز المخلص من المنافق، فلما تم هذا الغرض انتهى ذلك الحكم ورخص فى المناجاة بدون تقديم صدقة، فقال: