روى أن النبي ﷺ عام الحديبية أمر عليّا أن يكتب بالصلح فكتب:
باسمك اللهم، هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو. اصطلحوا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، تأمن فيه الناس ويكف بعضهم عن بعض على أن من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده إليه، ومن جاء قريشا من محمد لم يرده إليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة، وأن لا إسلال ولا إغلال، وأن من أحب أن يدخل فى عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه. فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبا جندل بن سهيل، ولم يأت رسول الله ﷺ أحد من الرجال إلا ردّه فى مدة العهد، وإن كان مسلما، ثم جاءت المؤمنات مهاجرات، وكانت أولادهن أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، فقدم أخواها عمار والوليد فكلماه فى أمرها ليردها إلى قريش فنزلت الآية، فلم يردها عليه الصلاة والسلام، ثم أنكحها زيد بن حارثة.
وعن مقاتل أنه جاءت امرأة تسمى سبيعة بنت الحرث الأسلمية مؤمنة، وكانت تحت صيفى بن الراهب وهو مشرك من أهل مكة فطلب ردّها فأنزل سبحانه الآية فلم يردها وأعطاه ما أنفق، وتزوجها عمر رضى الله عنه.
ومن هذا تعلم أن الآية بيّنت أن العهد الذي أعطى كان فى الرجال دون النساء ومن ثم لم يردهن حين جئن مؤمنات.
(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أي ولا إثم عليكم ولا حرج فى نكاح هؤلاء المؤمنات المهاجرات، بشرط أن تتعهدوا بالمهور، وتلتزموا بأدائها وإنما جاز هذا لأن الإسلام حال بينهن وبين أزواجهن الكفار، فكان من المصلحة أن يكون لهن عائل من المؤمنين يكفل أمر أرزاقهن.
(وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) أي إنه لا ينبغى أن يكون علاقة من علاقات