التي نزل بها الوحى على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثم قال فيها ما قال، ومعاندة الحق جديرة بزوال النعم.
وفى الآية إيماء إلى أن كفره كفر عناد، فهو يعرف الحق بقلبه، وينكره بلسانه، وهذا أقبح أنواع الكفر.
ثم بيّن ما يفعله به يوم القيامة فقال:
(سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) أي سأكلفه عقبة شاقة الصعود، والمراد أنه سيلقى العذاب الشديد الذي لا يطاق، وقد جعل الله ما يسوق إليه من المصايب وأنواع المشاق شبيها بمن يكلّف صعود الجبال الوعرة الشاقة.
قال قتادة: سيكلف عذابا لا راحة فيه.
ثم حكى كيفية عناده فقال:
(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) أي إنه فكر وزوّر فى نفسه كلاما فى الطعن فى القرآن، وما يختلق فيه من المقال، وقدره تقديرا، أصاب به ما فى نفوس قريش، وما به وافق غرضهم.
والخلاصة- إنه فكر وتروّي ماذا يقول فيه، وبماذا يصفه به، حين سئل عن ذلك؟
ثم عجّب من تقديره وإصابته المحز فقال:
(فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) هذا أسلوب يراد به التعجيب والثناء على المحدّث عنه تقول العرب: فلان قاتله الله ما أشجعه! وأخزاه الله ما أشعره! يريدون أنه قد بلغ المبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك، وعلى هذا النحو جاء قوله تعالى: «قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ».
وقصارى ذلك- إن هذا تعجيب من قوة خاطره، وإصابته الغرض الذي كانت ترمى إليه قريش من الطعن الشديد فى القرآن، فقوله جاء وفق ما كانوا يريدون، وطبق ما كانوا يتمنون من القدح فيه، وفيمن جاء به.