المعروف فى كلام الناس فى محاوراتهم فإذا قال أحدهم: لا والله لا فعلت كذا- قصد بقوله (لا) رد الكلام السابق، وبقوله والله ابتداء يمين، فهم لما أنكروا البعث قيل لهم: ليس الأمر على ما ذكرتم ثم أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة:
إن البعث حق لا شك فيه.
ويرى جمع من المفسرين أنها للنفى على معنى أنى لا أعظمه بإقسامى به حق إعظامه، فإنه حقيق بأكثر من هذا وهو يستأهل فوق ذلك.
قال مجاهد: النفس اللوامة هى التي تلوم نفسها على مافات، وتندم على الشر لم فعلته؟ وعلى الخير لم لم تستكثر منه؟ فهى لم تزل لأئمة وإن اجتهدت فى الطاعات (بَلى) كلمة يجاب بها إذا كان الكلام منفيا، فالمراد بها هنا نعم نجمعها بعد تفرقها، والبنان واحده بنانة وهى الأصابع. قال النابغة:

بمخضّب رخص كأن بنانه عنم يكاد من اللطافة يعقد
ليفجر أمامه: أي ليدوم على فجوره فى الحاضر والمستقبل لا ينزع عنه، برق تحير فزعا من قولهم: برق الرجل إذا نظر إلى البرق فدهش بصره، قال ذو الرمة:
ولو أنّ لقمان الحكيم تعرّضت لعينيه مىّ سافرا كاد يبرق
وخسف القمر: ذهب ضوءه، والمفر: الفرار، والوزر: الملجأ وأصله الجبل المنيع، ومنه قوله:
لعمرك ما للفتى من وزر من الموت يدركه والكبر
ينبأ: أي يخبر، بصيرة: أي حجة شاهدة على ما صدر منه، والمعاذير:
ما يعتذر به.
المعنى الجملي
أقسم تعالى بعظمة القيامة، وبالنفس الطموحة إلى الرقىّ، الجانحة إلى العلوّ، التي لا تصل إلى مرتبة إلا طلبت ما فوقها، ولا إلى حال إلا أحبت ما تلاها- إن


الصفحة التالية
Icon