أَهْلِيهِمْ أَبَداً»
فنزلت الآية، ثم أمره أن يقول لهم: إن هلاكى أو رحمتى لا تجيركم من عذاب الله، ثم أمره أن يقول لهم: إنا آمنا بربنا وتوكلنا عليه، وستعلمون غدا من الهالك؟ ثم أمره أن يقول لهم: إن غار ماؤكم فى الأرض ولم تصل إليه الدلاء، فمن يأتيكم بماء عذب زلال تشربونه؟
الإيضاح
أجاب سبحانه عن تمنى المشركين موته ﷺ ومن معه بوجهين:
(ا) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أي قل لهم موبخا: أخبرونى عن فائدة موتى لكم: سواء أماتنى الله ومن معى، أو أخر أجلنا فأى راحة لكم فى ذلك، وأي منفعة لكم فيه، ومن ذا الذي يجيركم من عذاب الله إذا نزل بكم، أتظنون أن الأصنام أو غيرها تجيركم وهلا تمسكتم بما يخلصكم من العذاب، فتقروا بالتوحيد والنبوة والبعث؟.
وخلاصة هذا- إنه لا مجير لكم من عذاب الله بسبب كفركم الموجب لهذا العذاب- سواء هلكنا كما تتمنون ففزنا برحمة الله، أو انتصرنا عليكم ورفعنا شأن الإسلام كما نرجو، فكلا الأمرين فيه ظفر بما ينبغى، ونيل لما نحب ونهوى.
وفى هذا إيماء إلى أمرين:
(١) حثهم على طلب الخلاص بالإيمان الخالص لله والإخبات إليه.
(٢) إنه كان ينبغى أن يكون ما هم فيه شاغلا لهم عن تمنى هلاك النبي ﷺ ومن معه من المؤمنين.
(ب) (قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا) أي قل لهم: آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم، وعليه توكلنا فى جميع أمورنا كما قال: «فاعبده وتوكّل عليه» وهو سيجيرنا من عذاب الآخرة.
وفى هذا تعريض بهم حيث اتكلوا على أولادهم وأموالهم «وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ