لا يكون مصدّقا بالآخرة ونعيمها، أو يكون إيمانه إيمانا لا يجاوز طرف لسانه، ولا يصل إلى قلبه، فلا يجازى عليه الجزاء الذي وعد به المؤمنون.
ثم بين أن الأصول العامة التي جاءت فى هذه الشريعة هى بعينها التي جاءت فى جميع الشرائع السماوية فقال:
(إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) أي إن ما أوحى به إلى نبيه من أمر ونهى ووعد ووعيد هو بعينه ما جاء فى صحف إبراهيم وموسى، فدين الله واحد، وإنما تختلف صوره، وتتعدد مظاهره، فإذا كان المخاطبون قد آمنوا بإبراهيم أو بموسى فعليهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يأت إلا بما جاء فى صحفهم، وإنما هو مذكّر أو محى لما مات من شرائعهم.
ونحو الآية قوله: «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ» وقوله جل شأنه: «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ، وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى».
وقصارى ذلك- أن الرسول ﷺ ما جاء إلا مذكرا بما نسيته الأجيال من شرائع المرسلين، وداعيا إلى وجهها الصحيح الذي أفسده كرّ الغداة ومر العشىّ، كما طمس معالمه اتباع الأهواء، واقتفاء سنن الآباء والأجداد.
اللهم وفقنا لسلوك دينك الحق، واهدنا إلى صراطك المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.