لصاحبه عليه ثواب مهما أتعب نفسه وأجهدها، فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه.
وقد أكد هذا بقوله:
(وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى) أي إنه لا يقصد بإنفاقه المال مكافأة أحد على نعمة كان قد أسلفها، ولا جزاء معروف كان قد تقدم به إليه.
ثم أكده مرة ثانية فقال:
(إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) أي لكنه يفعل ذلك قاصدا رضا ربه طالبا مثوبته وحده، تقول: فعلت كذا أبتغى وجه فلان، أي لم يحملنى على الفعل إلا إجلاله وقصد مرضاته، وخيفة الوقوع فيما يغضبه.
ثم وعد ذلك الأتقى بالرضا عنه فقال:
(وَلَسَوْفَ يَرْضى) أي ولسوف يرضيه ربه فى الآخرة بثوابه وعظيم جزائه.
وفى قوله: (وَلَسَوْفَ) إيماء إلى أن الرضا يحتاج إلى بذل كثير، ولا يكفى القليل من المال، لأن يبلغ العبد منزلة الرضا الإلهى.
وقصارى ما سلف: إن الناس أصناف:
(١) الأبرار الذين منحهم الله من قوة العقل وصفاء اليقين ما يجعلهم يبتعدون عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
(٢) الذين يلون هؤلاء، وهم من تغلبهم الشهوة أحيانا فيقعون فى الذنب، ثم يثوب إليهم رشدهم فيتوبون ويندمون، وهذان القسمان يدخلان فى (الْأَتْقَى).
(٣) من يخلط بين الخير والشر فيعتقد وحدانية الله ويقترف بعض السيئات، ويصرّ عليها ولا يتوب منها، فهذا الإصرار منه دليل على أنه غير مصدّق حق التصديق بما جاء فيها من الوعيد.
يرشد إلى ذلك
قوله ﷺ «لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن»
والمراد أن صورة الوعيد تذهب عن