(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) أي لا تقهر اليتيم ولا تستذله، بل ارفع نفسه بالأدب، وهذّبه بمكارم الأخلاق، ليكون عضوا نافعا فى جماعتك، لا جرثومة فساد يتعدى أذاها إلى كل من يخالطها من أمتك.
ومن ذاق مرارة الضيق فى نفسه، فما أجدره أن يستشعرها فى غيره، وقد كان ﷺ يتيما، فباعد الله عنه ذل اليتيم فآواه، فمن أولى منه بأن يكرم كل يتيم شكرا لله على نعمته.
(وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) أي وأما المستجدى فلا تزجره، ولكن تفضل عليه بشىء أو ردّه ردّا جميلا، وقد يكون المراد من (السَّائِلَ) المسترشد وهو أيضا يطلب الرفق به وبيان ما أشكل عليه من الأمر.
(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) أي أوسع فى البذل على الفقراء بمالك، وأفض من نعمه الأخرى على طالبيها، وليس المراد مجرد ذكر الثروة والإفاضة فى حديثها، فإن ذلك ليس من كرم الأخلاق فى شىء.
وقد جرت عادة البخلاء أن يكتموا مالهم، لتقوم لهم الحجة فى قبض أيديهم عن البذل، ولا تجدهم إلا شاكين من القلّ أما الكرماء فلا يزالون يظهرون بالبذل مما آتاهم الله من فضله، ويجهرون بالحمد لما أفاض عليهم من رزقه وقد استفاضت الأحاديث بأنه ﷺ كان كثير الإنفاق على الفقراء، عظيم الرأفة بهم، واسع الإحسان إليهم، وكان يتصدق بكل ما يدخل فى ملكه ويبيت طاويا.
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك الذي أوحيت إليه وأرضيته، وشرحت صدره، واجعلنا من الذين يقتفون آثاره، ويتبعون سنته.