الأمر ويعتبروا، وكان يقال لهم: إذا كان الجماد يضطرب لهول هذا اليوم، فهل لكم أن تستيقظوا من غفلتكم، وترجعوا عن عنادكم؟.
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) أي وأخرجت الأرض ما فى جوفها من الكنوز والدفائن والأموات، فإنها لشدة اضطرابها يثور باطنها ويقذف ما فيه.
ونحو الآية قوله: «وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ».
ومثال هذا ما نراه فى حياتنا الدنيا من جبال النار الثائرة (البراكين) كما حدث فى إيطاليا سنة ١٩٠٩ من ثوران بركان ويزوف وابتلاعه مدينة مسينا ولم يبق من أهلها ديّارا ولا نافخ نار.
(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها؟) أي وقال من يكون من الناس مشاهدا لهذا الزلزال الذي يخالف أمثاله فى شدته، ويحار العقل فى معرفة أسبابه، ويصيبه الدّهش مما يرى ويبصر: ما لهذه الأرض، وما الذي وقع لها مما لم يعهد له نظير من قبل؟ كما جاء فى آية أخرى: «وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى».
(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) أي فى ذلك الوقت وقت الزلزلة تحدثك الأرض أحاديثها، والمراد أن حالها وما يقع فيها من الاضطراب والانقلاب، وما لم يعهد له نظير من الخراب، تعلم السائل وتفهمه أن ما يراه لم يكن لسبب من الأسباب التي وضعت لأمثاله مما نراه حين استقر نظام هذا الكون.
ثم بين سبب ما يرى فقال:
(بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) أي إن ما يكون للأرض يومئذ إنما هو بأمر إلهي خاص، فيقول لها كونى خرابا كما قال لها حين بدء النشأة الأولى كونى أرضا، وإنما سمى ذلك وحيا، لأنه أتى على خلاف ما عهد منذ نشأة الأرض، قاله الأستاذ الإمام.
(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ) أي يوم يقع الخراب العظيم لهذا العالم الأرضى، ويظهر ذلك الكون الجديد كون الحياة الأخرى، يصدر الناس متفرقين