ليغلبوا بعض عباده على أمرهم، ويصلوا إليهم بشرّ وأذى، فأهلكهم الله، وردّ كيدهم، وأبطل تدبيرهم، بعد أن كانوا فى ثقة بعددهم وعددهم ولم يفدهم ذلك شيئا.
قصص أصحاب الفيل كما رواه أرباب السير
حادث الفيل معروف متواتر لدى العرب، حتى إنهم جعلوه مبدأ تاريخ يحددون به أوقات الحوادث، فيقولون: ولد عام الفيل، وحدث كذا لسنتين بعد عام الفيل، ونحو ذلك.
وخلاصة ما أجمع عليه رواتهم- أن قائدا حبشيا ممن كانوا قد غلبوا على اليمن أراد أن يعتدى على الكعبة المشرّفة ويهدمها، ليمنع العرب من الحج إليها، فتوجه بجيش جرار إلى مكة، واستصحب معه فيلا أو فيلة كثيرة زيادة فى الإرهاب والتخويف ولم يزل سائرا يغلب من يلاقيه، حتى وصل إلى «المغمّس» وهو موضع بالقرب من مكة، ثم أرسل إلى أهل مكة يخبرهم أنه لم يأت لحربهم، وإنما جاء لهدم البيت، ففزعوا منه، وانطلقوا إلى شعف الجبال ينظرون ما هو فاعل.
وفى اليوم الثاني فشا فى جند الحبشي داء الجدرىّ والحصبة، قال عكرمة:
وهو أول جدرىّ ظهر ببلاد العرب، ففعل ذلك الوباء بأجسامهم ما يندر وقوع مثله، فكان لحمهم يتناثر ويتساقط، فذعر الجيش وصاحبه وولّوا هاربين، وأصيب الحبشي ولم يزل لحمه يسقط قطعة قطعة، وأنملة أنملة، حتى انصدع صدره ومات فى صنعاء.
الإيضاح
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ؟) أي ألم تعلم الحال العجيبة والكيفية الهائلة الدالة على عظم قدرة الله تعالى وكمال علمه وحكمته، فيما فعل بأصحاب الفيل الذين قصدوا هدم البيت الحرام، فتلك حال قد جاءت على غير ما يعرف من


الصفحة التالية
Icon