نشاهدها وفيها غيب لا نعرفه بالحس، وهو حقيقة الكواكب وما أودع الله فيها من القوى وما فيها من عوالم لا نراها ولا ندرك حقيقتها.
وأقسم بما هو غيب صرف، وهو اليوم الموعود وما يكون فيه من حوادث البعث والحساب والعقاب والثواب.
وأقسم بما هو شهادة صرفة وهو الشاهد: أي ذو الحس، والمشهود: وهو ما يفع عليه الحس.
أقسم سبحانه بكل ما سلف إن من قبلهم من المؤمنين الموحدين ابتلوا ببطش أعدائهم بهم، واشتدادهم فى إيذائهم، حتى خدّوا لهم الأخاديد، وملئوها بالنيران وقذفوهم فيها ولم تأخذهم بهم رأفة، بل كانوا يتشفون برؤية ما يحل بهم، وهم مع ذلك قد صبروا وانتقم الله من أعدائهم وممن أوقع بهم، وأخذهم بذنوبهم أخذ عزيز مقتدر، ولئن صبرتم أيها المؤمنون على الأذى ليوفينكم أجركم، وليأخذنّ أعداءكم ولينزلنّ بهم ما لا قبل لهم به.
وقد حكى الله هذا القصص، ليكون تثبيتا لقلوب المؤمنين، ووعدا لعباده الصالحين، وحملا لهم على الصبر والمجاهدة فى سبيله، ووعيدا للكافرين وأنه سيحلّ بهم مثل ما حل بمن قبلهم. «سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ- فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا».
الإيضاح
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) أي قسما بالسماء ذات الكواكب العظيمة التي لم يستطع لها إحصاء ولا عدّ، منها ما لا يصل ضوؤه إلينا إلا فى ألف ألف سنة وخمسمائة ألف، مع أن الضوء يسير فى الثانية الواحدة ثلاثمائة ألف كيلو، ويصل فى سيره إلى القمر فى قدر ثانية وثلث الثانية، ولو جرى حول الكرة