«إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وإن تركتها وفيها عوج استمتعت بها».
وخلاصة هذا- إنه شعّبكم من نفس واحدة أنشأها من تراب وخلق منها زوجها حواء.
ويرى أبو مسلم الأصفهانى: أن معنى (منها) أي من جنسها كما جاء مثل هذا فى قوله: «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» وقوله: «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ» وقوله:
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ» فلا فرق بين أسلوب هذه الآية وأساليب الآيات الأخرى، والمعنى فى الجميع واحد.
ومن ثبت عنده أن حواء خلقت من ضلع آدم فلا يكون مصدر الإثبات عنده هذه الآية، وإلا كان إخراجا لها عما جاء فى أمثالها اه.
ثم فصل ما أجمله فى قوله: خلقكم من نفس واحدة، فقال:
(وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً) أي ونشر من آدم وحواء نوعى جنس الإنس وهما الذكور والإناث، فجعل النسل من الزوجين كليهما، فجميع سلائل البشر متوالدة من زوجين ذكر وأنثى.
(وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) أي واتقوا الله الذي يسأل به بعضكم بعضا، بأن يقول سألتك بالله أن تقضى هذه الحاجة، وهو يرجو بذلك إجابة سؤله، والمراد من سؤاله بالله سؤاله بإيمانه به وتعظيمه إياه، أي أسألك بسبب ذلك أن تفعل كذا.
واتقوا إضاعة حق الأرحام، فصلوها بالبر والإحسان ولا تقطعوها.
وكرر الأمر بالتقوى للحث عليها، وعبر أوّلا بلفظ (الربّ) الذي يدل على التربية والإحسان، ثم بلفظ (اللَّهِ) الذي يدل على الهيبة والقهر للترغيب أولا والترهيب ثانيا


الصفحة التالية
Icon