وأوهامها، والمبشرة بظهور المسلمين على المشركين ظهورا تاما لا مطمع لهم فى زواله، ولا حاجة معه إلى شىء من مداراتهم أو الخوف من عاقبة أمرهم.
روى البيهقي فى كتاب شعب الإيمان عن ابن عباس فى قوله: «الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ» يقول يئس أهل مكة أن ترجعوا إلى دينهم، وهو عبادة الأوثان أبدا (فَلا تَخْشَوْهُمْ) فى اتباع محمد (واخشون) فى عبادة الأوثان وتكذيب محمد.
والخلاصة- إن الله أخبر المؤمنين بأن الكفار قد يئسوا من زوال دينهم، وأنه ينبغى لهم- وقد بدّلهم بضعفهم قوة، وبخوفهم أمنا، وبفقرهم غنى- ألّا يخشوا غيره، وقد عرفوا فضله وإعزازه لهم.
وإجمال المعنى- اليوم انقطع رجاؤهم من إبطال دينكم ورجوعكم عنه، لما شاهدوا من فضل الله عليكم، إذ وفّى بوعده، وأظهره على الدين كله.
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) فى الآية بشارات ثلاث فسرها السلف بما سنذكره بعد:
روى عن ابن عباس أنه قال: لما كان النبي ﷺ واقفا بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) أي حلالكم وحرامكم، فلم ينزل بعده حلال ولا حرام (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) أي منّتى فلم يحج معكم مشرك (وَرَضِيتُ) أي اخترت (لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً).
وقد مكث رسول الله ﷺ بعد نزول هذه الآية واحدا وثمانين يوما ثم قبضه الله إليه.
وروى ابن جرير وابن المنذر عنه أيضا أنه قال: أخبر الله نبيه والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا، وقد أتمه فلا ينقص أبدا، وقد رضيه فلا يسخط أبدا:
وقال صاحب الكشاف: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) كفيتكم أمر عدوكم وجعلت اليد العليا لكم كما تقول الملوك: اليوم كمل لنا الملك، وكمل لنا ما نريد.
إذا كفوا من ينازعهم الملك ووصلوا إلى أغراضهم ومنافعهم.