وروى ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير أن عدى بن حاتم وزيد بن مهلهل الطائيين سألا رسول الله ﷺ فقالا: يا رسول الله قد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا؟
فنزلت الآيات.
الإيضاح
(يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ) أي يسألك المؤمنون ماذا أحل الله لهم من الطعام؟
(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ) الطيبات ما تستطيبها النفوس السليمة الفطرة، المعتدلة المعيشة بمقتضى طبعها فتأكلها باشتهاء وما أكله الإنسان كذلك يسيغه ويهضمه بسهولة ويتغذى به غذاء صالحا، وما يستخبثه ويعافه لا يسهل عليه هضمه ويضره غالبا، فما حرمه الله فى الآية السابقة خبيث بشهادة الله الموافقة للفطرة المعتدلة، وأصحاب الفطر السليمة يعافون أكل الميتة حتف أنفها وما ماثلها من فرائس السباع والمترديات والنطائح والدم المسفوح، وكذلك الخنزير يعافه من يعرف ضرره وانهما كه فى أكل القاذورات.
والخلاصة- أحل لكم أيها المكلفون ما يستطاب أكله ويشتهى دون ما يخبث أو يعاف، وأحل لكم صيد الجوارح بشرط أن يكون الجارح الذي صاده مما أدّبه الناس وعلموه الصيد حتى يصح أن ينسب الصيد إليهم ويكون قتل الجارح له كتذكية مرسله إياه.
أما الطيبات فهى ما عدا المنصوص على تحريمه كبهيمة الأنعام وصيد البر والبحر أي ما من شأنه أن يصاد منهما، فالبحر كل حيوانه يصاد، والبر يصاد منه ما يؤكل ما عدا سباع الوحش والطير،
لحديث ابن عباس «نهى رسول الله ﷺ عن أكل كل ذى ناب من السباع وكل ذى مخلب من الطير»
وحديث أبى ثعلبة الخشني «كل ذى ناب من السباع فأكله حرام» رواهما أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
(فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ) أي فكلوا من الصيد ما تمسكه الجوارح عليكم،