الله فلا كاشف له ولا صارف يصرفه عنك إلا هو، دون الأولياء الذين يتّخذون من دونه، ويتوجه إليهم المشرك بكشفه- وهو إما أن يكشفه عنك بتوفيقك للأسباب الكسبية التي تزيله، وإما أن يكشفه بغير عمل منك، بل بلطفه وكرمه، فله الحمد على نعمه المتظاهرة التي لا حدّ لها- وإن يمسسك بخير كصحة وغنى وقوة وجاه فهو قادر على حفظه عليك كما قدر على إعطائه إياك، وهو القدير على كل شىء، أما أولئك الأولياء الذين اتخذوا من دونه فلا يقدرون على مسّك بخير ولا ضرّ.
فعلى المؤمن الصادق فى إيمانه ألا يطلب شيئا من أمور الدنيا والآخرة من كشف ضر وصرف عذاب أو إيجاد خير ومنح ثواب- إلا من الله تعالى وحده دون غيره من الشفعاء والأولياء الذين لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا.
وهذا الطلب إما طلب بالعمل ومراعاة الأسباب التي اقتضتها سنته فى الخلق ودل عليها الشرع وهدى إليها العقل، وإما بالتوجه إليه ودعائه كما ندب إلى ذلك كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».
وبعد أن أثبت عز اسمه لنفسه كمال القدرة أثبت لها كمال السلطان والتسخير لجميع عباده والاستعلاء عليهم، مع كمال الحكمة والعلم المحيط بخفايا الأمور، ليرشدنا إلى أن من اتخذ الأولياء فقد ضلّ ضلالا بعيدا فقال:
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ، وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) أي إن الرب من شأنه العزة والسلطان والعلو والكبرياء وهو الحكيم الخبير، فلا ينبغى للمؤمن أن يتخذ وليا من عباده المقهورين تحت سلطان عزته، المذلّلين لسنته التي اقتضتها حكمته وعلمه بتدبير الأمر فى خلقه.
وهو جلت قدرته لم يجعل من خلقه شريكا له فى التصرف ولا فى كونه يدعى معه ولا وحده لكشف ضر ولا جلب نفع كما قال تعالى «فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً» وقال: «قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلًا».