المعنى الجملي
بعد أن أمر سبحانه الرسل فى الآية السالفة بالتبليغ وأمر الأمم بالقبول والمتابعة، وذكّرهم بعذاب الأمم التي عاندت الرسل فى الدنيا- قفّى على ذلك بذكر العذاب الآجل يوم القيامة، وأنه فى ذلك اليوم يسأل كل إنسان عن عمله.
الإيضاح
(فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) الذين أرسل إليهم: هم جميع الأمم الذين بلغتهم دعوة الرسل، فيسأل تعالى كل فرد منهم فى الآخرة عن رسوله إليه وعن تبليغه لآياته، ويسأل المرسلين عن تبليغهم وإجابة أقوامهم لهم وعما عملوا من إيمان وكفر؟ وقد فصل هذا الإجمال فى آيات أخرى كقوله: امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا؟»
وقوله: «وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ» وقوله فى سورة الحجر:
«فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ».
قال ابن عباس: نسأل الناس عما أجابوا المرسلين، ونسأل المرسلين عما بلّغوه والمراد بالسؤال حينئذ تقريع الكفار وتوبيخهم.
ولا مخالفة بين هذه الآية التي تثبت السؤال العام وبين قوله تعالى: «فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ» وقوله: «وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ» لأن ليوم القيامة مواقف متعددة والسؤال والجواب والاعتذار يكون فى بعضها دون بعض.


الصفحة التالية
Icon