(وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ، وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ، وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ، وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) روى ابن المنذر من طريق ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه: أن المشركين غلبوا المسلمين فى أول أمرهم على الماء فظمئ المسلمون، وصلّوا مجنبين محدثين، وكان بينهم رمال فألقى الشيطان فى قلوبهم الحزن وقال:
أتزعمون أن فيكم نبيا وأنكم أولياء وتصلّون مجنبين محدثين، فأنزل الله من السماء ماء فسال عليهم الوادي ماء فشرب المسلمون وتطهروا وثبتت أقدامهم (أي على الرمل اللين لتلبده بالمطر) وذهبت وسوسته.
وقال ابن القيم: أنزل الله فى تلك الليلة مطرا واحدا فكان على المشركين وابلا شديدا منعهم من التقدم وكان على المسلمين طلّا طهرهم به وأذهب عنهم رجس الشيطان ووطّأ به الأرض، وصلّب الرمل، وثبّت الأقدام ومهّد به المنزل، وربط على قلوبهم، فسبق رسول الله وأصحابه إلى الماء فنزلوا عليه شطر الليل وصنعوا الحياض ثم غوّروا ما عداها من المياه ونزل رسول الله وأصحابه على الحياض وبنى لرسول الله ﷺ عريش على تلّ مشرف على المعركة، ومشى فى موضع المعركة وجعل يشير بيده (هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان إن شاء الله تعالى فما تعدّى أحد منهم موضع إشارته) اهـ.
وقال ابن إسحاق: إن الحباب بن المنذر قال: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل؟
أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا أن نتأخر عنه أم هو الرأى والحرب والمكيدة قال: (بل هو الحرب والرأى والمكيدة) قال: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى تأتى أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغوّر ما وراءه من القلب (الآبار غير المبنية) ثم نبنى عليها حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله ﷺ لقد أشرت بالرأى، وفعلوا ذلك».
وقد فهم من الآية أنه كان لهذا المطر أربع فوائد: