صلى الله عليه وسلم إلى حراء كما كان يخرج، حتى إذا كانت الليلة التى أكرمه الله فيها برسالته، جاءه جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى فقال: اقرأ، قال:
ما أنا بقارئ. قال: فأخذنى فغطنى «١» حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال:
اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ. فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذنى فغطنى الثالثة ثم أرسلنى فقال: اقرأ باسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. فرجع بها رسول الله ﷺ يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضى الله عنها فقال: زملونى زملونى، فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسى. فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله أبدا.
ثم قامت فجمعت عليها ثيابها، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل، وهو ابن عمها- وكان ورقة قد تنصر وقرأ الكتب، وسمع من أهل التوراة والإنجيل- فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال ورقة:
والذى نفس ورقة بيده، لئن كنت صدقتنى يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر، الذى كان يأتى موسى، وإنه لنبىّ هذه الأمة، فقولى له: فليثبت.
فرجعت خديجة إلى رسول الله ﷺ فأخبرته بقول ورقة.
فلما قضى رسول الله ﷺ اعتكافه وانصرف، صنع كما كان يصنع، بدأ بالكعبة فطاف بها، فلقيه ورقة وهو يطوف بالكعبة فقال:
يابن أخى، أخبرنى بما رأيت وسمعت، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال له ورقة: والذى نفسى بيده، إنك لنبى هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس

(١) غطنى: عصرنى عصرا شديدا حتى وجدت منه المشقة. [.....]


الصفحة التالية
Icon