الكوفى إلى قريب من الشكل الذى هو عليه الآن، وإلى «قطبة» هذا يعزى اختراع القلم الجليل، الذى ينسب إليه الخط الجليلى، أى الكبير الواضح.
وكان ثمة فى أيام «الوليد بن عبد الملك» كاتب مختصّ به، هو «خالد بن أبى الهياج»، انقطع لكتابة المصاحف للوليد، وكان مجوّدا فى كتابتها. «وابن أبى الهياج» هذا هو الذى كتب بالذهب على محراب مسجد النبى ﷺ فى المدينة سورة وَالشَّمْسِ وَضُحاها، وما بعدها من السّور إلى آخر القرآن الكريم، ولكن هذا كله للأسف ذهب ولم يبق له أثر.
وجاء من بعد «خالد بن أبى الهياج» رجل من كبار الزاهدين، كانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائة من الهجرة، هو: مالك بن دينار، وكان «مالك» هو الآخر من المجددين فى كتابة المصاحف.
فلما كانت أيام «الرشيد» برز كاتبان من الكتّاب المجددين للمصاحف هما: خشنام البصرى، ومهدى الكوفى.
ويقول ابن النديم: ولم ير مثلهما إلى حيث انتهينا- أى إلى عصر ابن النديم- حتى إذا ما كانت أيام المعتصم ظهر «أبو حدى الكوفى»، وكان يكتب المصاحف اللطاف.
ثم كانت بعد «أبى حدى» جماعة من الكوفيين اشتهروا بكتابة المصاحف، منهم: ابن أم شيبان، والمسحور، وأبو حميرة، وأبو الفرج.
هذا إلى جماعة أخرى من الوراقين كانوا يكتبون المصاحف بالخط المحقق (المشق)، منهم: ابن أبى حسان، وابن الحضرمى، وابن زيد، والفريابى، وابن أبى فاطمة، وابن مجالد، وشراشير المصرى، وابن حسن المليح، وأبو حديدة، وأبو عقيل، وأبو محمد الأصفهانى، وأبو بكر أحمد بن نصر، وابنه أبو الحسن.
ولقد ظهر فى أوائل الدولة العباسية رجلان من أهل الشام عرفا بجودة الخط، وإليهما انتهت الرياسة فى ذلك العصر، هما: الضحاك بن عجلان، وكان فى خلافة السفاح، وإسحاق بن حماد، وكان فى خلافة المنصور والمهدى، وفى عهدهما بلغت الأقلام العربية اثنى عشر قلما، كان لكل قلم طريقته.
ثم انتهت رياسة الخط إلى ابنى مقلة: أبى على محمد بن مقلة، وعبد الله، وكان يضرب بخطهما المثل.
وعن الوزير «ابن مقلة» أخذ عبد الله بن محمد بن أسد (٤١٠ هـ)، وعن «ابن أحمد» أخذ «ابن البواب» (٤١٣ هـ)، وهو الذى أكمل قواعد الخط، وعن «ابن البواب» أخذ «محمد بن عبد الملك»، وعن «محمد بن عبد الملك» أخذت «شهدة زينب بنت الابرى» (٥٧ هـ) الكاتبة المحدّثة.


الصفحة التالية
Icon