أنكروه عليه، من فراقهم وعيب آلهتهم، ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه، وقام دونه، فلم يسلمه لهم، مشى رجال من أشراف قريش إلى أبى طالب: عتبة، وشيبة- ابنا ربيعة بن عبد شمس- وأبو سفيان بن حرب ابن أمية، وأبو البخترى العاصى بن هشام بن الحارث بن أسد ابن عبد العزى، والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى وأبو جهل عمرو ابن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ونبيه، ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة والعاص بن وائل بن هاشم، فقالوا: يا أبا طالب، إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آبائنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلى بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه، فنكفيكه، فقال لهم أبو طالب قولا رقيقا، وردهم ردّا جميلا، فانصرفوا عنه.
ومضى رسول الله ﷺ على ما هو عليه، يظهر دين الله ويدعو إليه، ثم اشتد الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتعادوا، وأكثرت قريش ذكر رسول الله ﷺ بينها، وحض بعضهم بعضا عليه.
ثم إنهم مشوا إلى أبى طالب مرة أخرى، فقالوا له: يا أبا طالب، إن لك سنّا وشرفا ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وعيب آلهتنا، حتى تكفه عنا، أو ننازله وإياك فى ذلك حتى يهلك أحد الفريقين، ثم انصرفوا عنه.
فعظم على أبى طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله ﷺ ولا خذلانه.


الصفحة التالية
Icon