والحفاظ يسألهم عما بعدها. ونحن نعلم أن الحجاج كان يقرأ القرآن كله فى كل ليلة.
وحين نظر الحجاج فى القرآن يجزئه هذه التجزئة التى تحدها الحروف، بدأ غيره من بعده ينظرون فى تجزئة القرآن تجزئة تمليها الآيات، فقسموه أنصافا وأثلاثا وأرباعا وأخماسا وأسداسا وأسباعا وأثمانا وأتساعا وأعشارا.
وما نظن هؤلاء الذين جاءوا فى إتر الحجاج بهذه التجزئة، التى ثخالف تجزئة الحجاج، كانوا يستملون إلا عن مثل ما استملى الحجاج عنه، وهو التيسير، ثم الإرخاء فى هذا التيسير، ثم تخصيص كل يوم بنصيب لا يزيد ولا ينقص، وكان أقصى ما أرادوه لكل مسلم أن يتم قراءة القرآن فى أيام لا تعدو العشرة.
ولقد مربك قبل عند الكلام على عد آيات القرآن ما كان من خلاف يسير علمت سببه، وأحبك أن تعلم أن هذا الخلاف اليسير فى عد الآيات جر إلى خلاف يسير فى هذه التجزئة.
وإذ كانت فكرة الحجاج، وفكرة من جاء بعد الحجاج، فى تجزئة القرآن، هى التيسير على التالى- كما أرى- وكان الحجاج متشددا، متشددا على نفسه أولا، كما رأيت، فلم يتجاوز فى تيسيره إلى غير سبعة أيام، ولكن من جاءوا بعد الحجاج لم يكونوا على تشدد الحجاج فأرخوا شيئا فى التيسير وزادوها إلى عشرة.
وما وقف التيسير عند هذا الحد الذى انتهى إليه من جاءوا فى إثر الحجاج، بل نرى الميسرين أرخوا للقارئين إلى أن بلغوا بهم الثلاثين، فإذا القرآن يجزأ إلى ثلاثين جزءا.
غير أن هذه المراحل التى جاءت بعد الحجاج لم تتم فى يوم وليلة، بل امتدت بامتداد الأيام، ولقد كانت وفاة الحجاج فى العام الخامس والتسعين من الهجرة، ونرى السجستانى يروى أخباره، فى تجزئة القرآن تلك التجزئة الثانية، عن رواة