تنحصر وفاتهم فى القرن الثانى للهجرة، ثم نرى ابن النديم وهو يتكلم عن الكتب المؤلفة فى أجزاء القرآن يذكر لنا:
١- كتاب أسباع القرآن لحمزة بن حبيب بن عمّارة الزيات. ولقد كانت وفاة حمزة سنة ١٥٨ هـ.
٢- كتاب أجزاء ثلاثين، عن أبى بكر بن عياش، ولقد كانت وفاة أبى بكر بن عياش سنة ١٩٣ هـ.
وما يعنينا الكتاب الأول، فلقد علمنا أن تجزئة القرآن أسباعا، كانت على يد الحجاج حروفا، وقد تكون على يد حمزة آيات، أقول: لا تعنينى هذه ولكن تعنينى الثانية، فهى تدلنا على أن تجزئة القرآن إلى ثلاثين جزءا، وهى التجزئة التى عليها مصاحفنا اليوم، تجزئة قديمة انتهت إلى أبى بكر، بهذا يشعرنا أسلوب ابن النديم، إذ لم يعز الكتاب لأبى بكر، وإنما قال: عن أبى بكر.
إذن فتجزئة القرآن ثلاثين جزءا لم تغب عن القرن الثانى الهجرى، ولا يبعد أن تكون دون منتهاه بكثير، فلقد كان مولد أبى بكر سنة ست وتسعين من الهجرة، والرجل يصلح للتلقى والرواية مع الخامسة والعشرين من عمره، أى إن أبا بكر كان رجل رواية وتلق مع العام العشرين بعد المائة الأولى من الهجرة.
وهذه التجزئة الأخيرة، أعنى تجزئة القرآن ثلاثين جزءا، هى التجزئة التى غلبت وعاشت، ولعل ما ساعد على غلبتها يسرها ثم ارتباطها بعدد أيام الشهر، ونحن نعلم كم تجد هذه التجزئة إقبالا عظيما فى شهر رمضان من كل عام.
وما نظن الذين جزءوا انتهوا إلى هذه التجزئة الأخيرة فى مرحلة واحدة، متجاوزين التجزئة العشرية إلى التجزئة الثلاثينية، والذى نقطع به أنه كانت ثمة تجزئات بين هاتين المرحلتين لا ندرى تدرجها، ولكن يعنينا أن نقيد أن ثمة تجزئة تقع فى عشرين جزءا، تحتفظ بها مكتبة دار الكتب.
وبهذه التجزئة- أى إلى ثلاثين جزءا- أصبح القرآن يعرض أجزاء منفصلة كل جزء على حدة، وأصبحنا نراه فى المساجد، لا سيما فى شهر رمضان


الصفحة التالية
Icon