نصف العلم وسئل ابو يوسف القاضي عن مسئلة فقال لا أدرى فقالوا له ترتزق من بيت المال كل يوم كذا كذا ثم تقول لا أدرى فقال انما ارتزق بقدر علمى ولو أعطيت بقدر جهلى لم يسعنى مال الدنيا- وحكى- ان عالما سئل عن مسئلة وهو فوق المنبر فقال لا أدرى فقيل له ليس المنبر موضع الجهال فقال انما علوت بقدر علمى ولو علوت بقدر جهلى لبلغت السماء قالَ استئناف ايضا يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ اى أعلمهم بِأَسْمائِهِمْ التي عجزوا عن علمها واعترفوا بتقاصير هممهم عن بلوغ مرتبتها فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ روى انه رفع على منبر وامر ان ينبئ الملائكة بالأسماء فلما انبأهم بها وهم جلوس بين يديه وذكر منفعة كل شىء قالَ الله تعالى أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ والاستفهام للتقرير اى قد قلت لكم انى اعلم ما غاب فيهما ولا دليل عليه ولا طريق اليه وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ تظهرون من قولكم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الآية وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ تسرون من قولكم لن يخلق الله خلقا أكرم عليه منا وهو استحضار لقوله تعالى إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ لكنه جاء به على وجه أبسط ليكون كالحجة عليه فانه تعالى كما علم ما خفى عليهم من امور السموات والأرض وما ظهر لهم من أحوالهم الظاهرة والباطنة علم ما لا يعلمون وفيه تعريض بمعاتبتهم على ترك الاولى من السؤال وهو ان يتوقفوا مترصدين لان يبين لهم وهذه الآيات تدل على شرف الإنسان ومزية العلم وفضله على العبادة لان الملائكة اكثر عبادة من آدم ومع ذلك لم يستحقوا الخلافة وتدل على ان العلم شرط في الخلافة بل العمدة فيها وان آدم أفضل من هؤلاء الملائكة لانه اعلم منهم والأعلم أفضل لقوله تعالى قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ فالعلم اشرف جوهرا ولكن لا بد للعبادة مع العلم فان العلم بمنزلة الشجرة والعبادة بمنزلة الثمرة فالشرف للشجرة وهو الأصل لكن الانتفاع بثمرتها وفي حديث ابى ذر رضى الله عنه (حضور مجلس علم أفضل من صلاة ألف ركعة وعيادة ألف مريض وشهود ألف جنازة) فقيل يا رسول الله أو من قراة القرآن قال (وهل ينفع القرآن الا بالعلم) : قال في المثنوى
خاتم ملك سليمانست علم | جمله عالم صورت وجانست علم |