فى وسط الكربة فاكرمهم بالانعام وظللهم بالغمام ومن عليهم بالمن وسلاهم بالسلوى فلا شعورهم كانت تطول ولا اظفارهم كانت تنبت ولا ثيابهم كانت تخلق او تنسخ وتدرن بل كانت تنمو صغارها حسب نمو الصغار والصبيان ولا شعاع الشمس كان ينبسط وكذلك سنته بمن حال بينه وبين اختياره يكون ما اختاره خير اله مما يختاره العبد لنفسه فما ازدادوا بشؤم الطبيعة الا الوقوع فى البلوى كما قيل كلوا من طيبات ما رزقناكم بامر الشرع وما ظلمونا إذ تصرفوا فيها بالطبع ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بالحرص على الدنيا ومتابعة الهوى قال في التنوير وما أدخلك الله فيه تولى أعانتك عليه وما دخلت فيه بنفسك وكلك اليه فلا تكفر نعمة الله عليك فيما تولاك به من ذلك كان بعضهم يسير في البادية وقد أصابه العطش فانتهى الى بئر فارتفع الماء الى رأس البئر فرفع رأسه الى السماء وقال أعلم انك قادر ولكن لا أطيق هذا فلو قيضت لى بعض الاعراب يصفعنى صفعات ويسقينى شربة ماء كان خير الى ثم انى أعلم ان ذلك الرفق من جهته فقد عرفت ان مكر الله خفى فلا تغرنك النعم الظاهرة والباطنة وليكن عزمك على الشكر والاقامة في حد أقامك الله فيه والا فتضل وتشقى وقد قال الشيخ ابو عبد الله القرشي من لم يكن كارها لظهور الآيات وخوارق العادات منه كراهية الخلق لظهور المعاصي فهى حجاب في حقه وسترها عنه رحمة فالنعمة كما انها سبب للسعادة كذلك هي سبب للشقاوة استدراجا: قال في المثنوى
بنده مى نالد بحق از درد ونيش | صد شكايت ميكند از رنج خويش |
حق همى گويد كه آخر رنج ودرد | مر ترا لابه كنان وراست كرد |
اين گله زان نعمتى كن كت زند | از در ما دور ومطرودت كند |