قال اهل الحقيقة الحضرات الكلية المختصة بالرحمن ثلاث حضرة الظهور وحضرة البطون وحضرة الجمع وكل موجود فله هذه المراتب ولا يخلو عن حكمها وعلى هذه المراتب تنقسم احكام الرحمة فى السعداء والأشقياء والمتنعمين بنفوسهم دون أبدانهم كالارواح المجردة وبالعكس والجامعين بين الامرين وكذا من اهل الجنة منهم سعداء من حيث نفوسهم بعلومهم دون صورهم لكونهم لم يقدموا في الجنة الأعمال ما يستوجبون به النعيم الصوري وان كان فنزر يسير بالنسبة الى من سواهم وعكس ذلك كالزهاد والعباد الذين لا علم لهم فان أرواحهم قليلة الحظ من النعيم الروحاني لعدم المناسبة بينهم وبين الحضرات العلمية الإلهية ولهذا لم تتعلق هممهم زمان العمل بما وراء العمل بل ظنوه الغاية فوقفوا عنده واقتصروا عليه رغبة فيما وعدوا به ورهبة مما حذروا منه واما الجامعون بين النعيمين تماما فهم الفائزون بالحظ الكامل في العلم والعمل كالرسل عليهم الصلاة والسلام ومن كملت وراثته منهم اعنى الكمل من الأولياء: قال المولى جلال الدين قدس سره
هر كبوتر مى پرد در مذهبى | وين كبوتر جانب بى جانبى |
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ اليوم في العرف عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها من الزمان وفي الشرع عما بين طلوع الفجر الثاني وغروب الشمس والمراد هاهنا مطلق الوقت لعدم الشمس ثم اى مالك الأمر كله في يوم الجزاء فاضافة اليوم الى الدين لادنى ملابسة كاضافة سائر الظروف الى ما وقع فيها من الحوادث كيوم الأحزاب ويوم الفتح وتخصيصه اما لتعظيمه وتهويله او لبيان تفرده بإجراء الأمر فيه وانقطاع العلائق بين الملاك والاملاك حينئذ بالكلية ففى ذلك اليوم لا يكون مالك ولا فاض ولا مجاز غيره واصل الملك والملك الربط والشد والقوة فلله في الحقيقة القوة الكاملة والولاية النافذة والحكم الجاري والتصرف الماضي وهو للعباد مجاز إذ لملكهم بداية ونهاية وعلى البعض لا الكل وعلى الجسم لا العرض وعلى النفس لا النفس وعلى الظاهر لا الباطن وعلى الحي لا الميت بخلاف المعبود الحق إذ ليس لملكه زوال ولا لملكه انتقال وقراءة مالك بالألف اكثر ثوابا من ملك لزيادة حرف فيه- يحكى- عن ابى عبد الله محمد بن شجاع الثلجى رحمه الله تعالى انه قال كان من عادتى قراءة مالك فسمعت من بعض الأدباء ان ملك ابلغ فتركت عادتى وقرأت ملك فرأيت في المنام قائلا يقول لم نقصت من حسناتك عشرا اما سمعت قول النبي ﷺ (من قرأ القرآن كتب له بكل حرف عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيآت ورفعت له عشر درجات) فانتبهت فلم اترك عادتى حتى رأيت ثانيا في المنام انه قيل لى لم لا تترك هذه العادة اما سمعت قول النبي ﷺ (اقرأوا القرآن فخما مفخما) اى عظيما معظما فاتيت قطربا وكان اماما في اللغة فسألته ما بين المالك والملك فقال بينهما فرق كثير اما المالك فهو الذي ملك شيأ من الدنيا واما الملك فهو الذي يملك الملوك قال في تفسير الإرشاد قرأ أهل الحرمين المحترمين ملك من الملك الذي هو عبارة عن السلطان القاهر والاستيلاء الباهر والغلبة التامة والقدرة على التصرف الكلى في امور العامة بالأمر والنهى وهو الأنسب بمقام الاضافة الى يوم الدين انتهى ولكل وجوه ترجيح ذكرت في التفاسير فلتطالع ثمة والوجه في سرد الصفات الخمس كانه يقول خلقتك فانا اله ثم ربيتك بالنعم فانا رب ثم عصيت فسترت عليك فانا رحمن ثم
تبت فغفرت فانا رحيم