قال السعدي قدس سره
مها زورمندى مكن بر جهان | كه بر يك نمط مى نماند جهان |
نماند ستمكار بد روزكار | بماند برو لعنت پايدار |
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ بنى الله سبحانه أول الكلام على ما هو مبادى حال العارف من الذكر والفكر والتأمل في أسمائه والنظر في آلائه والاستدلال بصنائعه على عظيم شانه وتأثير سلطانه ثم قفى بما هو منتهى امره وهو ان يخوض لجة الوصول ويصير من اهل المشاهدة فيراه عيانا ويناجيه شفاها اللهم اجعلنا من الواصلين الى العين دون السامعين للاثر وفيه اشارة ايضا الى ان العابد ينبغى ان يكون نظره الى المعبود اولا وبالذات ومنه الى العبادة لا من حيث انها عبادة صدرت منه بل من حيث انها نسبة شريفة ووصلة بينه وبين الحق فان العارف انما يحق وصوله إذا استغرق في ملاحظة جناب القدس وغاب عما عداه حتى انه لا يلاحظ نفسه ولا حالا من أحوالها الا من حيث انها ملاحظة له ومنتسب اليه ولذلك فضل ما حكى عن حبيبه حين قال (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا) على ما حكاه عن كليمه حيث قال إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ وتقديم المفعول لقصد الاختصاص اى نخصك بالعبادة لا نعبد غيرك والعبادة غاية الخضوع والتذلل وعن عكرمة جميع ما ذكر في القرآن من العبادة التوحيد ومن التسبيح الصلاة ومن القنوت الطاعة وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان جبريل عليه السلام قال للنبى ﷺ قل يا محمد (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) اى إياك نؤمل ونرجو لا غيرك والضمير المستكن فى (نَعْبُدُ) وكذا فى نَسْتَعِينُ للقارئ ومن معه من الحفظة وحاضرى صلاة الجماعة اوله ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها وتجاب ولهذا شرعت الجماعة قال الشيخ الأكبر والمسك الأذفر قدسنا الله بسره الأطهر في كتاب العظمة إذا كنى العبد عن نفسه بنون نفعل فليست بنون التعظيم وإذا كنى عن الحق تعالى بضمير الافراد فان ذلك لغلبة سلطان التوحيد في قلب هذا العبد وتحققه به حتى سرى في كليته فظهر ذلك في نطقه لفظا كما كان عقدا وعلما ومشاهدة وعينا وهذه النون نون الجمع فان العبد وان كان فردانى اللطيفة وحداني الحقيقة فانه غير وحداني ولا فردانى من حيث لطيفته ومركبها وهيكلها وقالبها وما من جزء في الإنسان الا والحق تعالى قد طالب الحقيقة الربانية التي فيه ان تلقى على هذه الاجزاء ما يليق بها من العبادات وهي في الجملة وان كانت المدبرة فلها تكليف يخصها ويناسب ذاتها فلهذه الجمعية يقول العبد لله تعالى نصلى ونسجد وإليك نسعى ونحفد وإياك نعبد وأمثال هذا الخطاب ولقد سألنى سائل من علماء الرسوم عن هذه المسألة وكان قد حار فيها فاجبته باجوبة منها هذا فشفى غليله والحمد لله انتهى كلام الشيخ قدس سره وانما خصص العبادة به تعالى لان العبادة نهاية التعظيم فلا تليق الا بالمنعم في الغاية وهو المنعم بخلق المنتفع وبإعطاء الحياة الممكنة من الانتفاع كما قال تعالى وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ الآية خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ولان احوال العبد ماض وحاضر ومستقبل ففى الماضي نقله من العدم والموت والعجز والجهل الى الوجود والحياة والقدرة والعلم بقدرته الازلية وفي الحاضر انفتحت عليه أبواب الحاجات ولزمته اسباب الضروريات فهو رب الرحمن الرحيم وفي المستقبل مالك يوم الدين يجازيه بأعماله