والتعذيب بالنار لان القاعدة التفسيرية ان الافعال التي لها أوائل بدايات واواخر غايات إذا لم يمكن إسنادها الى الله باعتبار البدايات يراد بها حين الاسناد غاياتها كالغضب والحياء والتكبر والاستهزاء والغم والفرح والضحك والبشاشة وغيرها والضلال العدول عن الطريق السوي عمدا او خطأ والمراد بالمغضوب عليهم العصاة وبالضالين الجاهلون بالله لان المنعم عليهم هم الجامعون بين العلم والعمل فكان المقابل لهم من اختل احدى قوتيه العاقلة والعاملة والمخل بالعمل فاسق مغضوب عليه لقوله تعالى في القاتل عمدا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ والمخل بالعلم جاهل ضال كقوله تعالى فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ او المغضوب عليهم هم اليهود لقوله تعالى فى حقهم مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ والضالون النصارى لقوله تعالى في حقهم قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وليس المراد تخصيص نسبة الغضب باليهود ونسبة الضلال بالنصارى لان الغضب قد نسب ايضا الى النصارى وكذا الضلال قد نسب الى اليهود في القرآن بل المراد انهما إذا تقابلا فالتعبير بالغضب الذي هو ارادة الانتقام لا محالة باليهود أليق لغاية تمردهم فى كفرهم من اعتدائهم وقتلهم الأنبياء. وقولهم إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ وغير ذلك فان قلت من المعلوم ان المنعم عليهم غير الفريقين فما الفائدة فى ذكرهما بعدهم قلت فائدته وصف ايمانهم بكمال الخوف من حال الطائفتين بعد وصفه بكمال الرجاء في قوله الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ قال عليه السلام (لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا) واعلم ان حكم الغضب الإلهي تكميل مرتبة قبضة الشمال فانه وان كان كلتا يديه المقدستين يمينا مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الاخرى فالارض جميعا قبضته والسموات مطويات بيمينه فلليد الواحدة المضاف إليها عموم السعداء الرحمة والحنان وللاخرى القهر والغضب ولوازمهما فسر حكم الغضب هو التكميل المشار اليه
في الجمع بين حكم اليدين والوقاية ولصاحب الاكلة إذا ظهرت في عضو واحد وقدر أن يكون الطبيب والده او صديقه او شقيقه فانه مع فرط محبته يبادر لقطع العضو المعتل لما لم يكن فيه قابلية الصلاح والسر الثالث التطهير كالذهب الممزوج بالرصاص والنحاس إذا قصد تمييزه لا بد وان يجعل في النار الشديدة والضلال هو الحيرة فمنها ما هي مذمومة ومنها ما هي محمودة ولها ثلاث مراتب حيرة اهل البدايات وحيرة المتوسطين من اهل الكشف والحجاب وحيرة أكابر المحققين وأول مزيل للحيرة الاولى تعين المطلب المرجح كرضى الله والتقرب اليه والشهود الذاتي ثم معرفة الطريق الموصل كملازمة شريعة الكمل ثم السبب المحصل كالمرشد ثم ما يمكن الاستعانة به في تحصيل الغرض من الذكر والفكر وغيرهما ثم معرفة العوائق وكيفية إزالتها كالنفس والشيطان فاذا تعينت هذه الأمور الخمسة حينئذ تزول هذه الحيرة وحيرة الأكابر محمودة لا تظنن ان هذه الحيرة سببها قصور في الإدراك ونقص مانع من كمال الجلاء هنا والاستجلاء لما هناك بل هذه حيرة يظهر حكمها بعد كمال التحقق بالمعرفة والشهود ومعاينة سر كل وجود والاطلاع التام على احدية الوجود وفي تفسير النجم غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ هم الذين اخطأهم ذلك النور فضلوا فى تيه هوى النفس وتاهوا في ظلمات الطبع والتقليد فغضب الله عليهم مثل اليهود ولعنهم