الم على طريق الحقيقة زلق في أمثال هذا المتشابه أقدام الزائغين عن العلم وتحير عقول الراسخين فى العلم وبعضهم توقف تأدبا مع الله تعالى ولم يتعرض بل قالوا آمنا به كل من عندر ربنا وبعضهم تأولوا لكن بوجوه بعيدة عن المرام والمقام بعدا بعيدا الا انها مستحسنة شرعا مقبولة دينا وعقلا وما يذكر اى بالمقصود والمرام على ما هو عليه في نفسه في الواقع الا أولوا الباب لكن بتذكير الله تعالى والهامه واطلاعه تخصيصا لهم وتمييزا لهم عما عداهم اختصاصا إليها أزليا لهم من عند الله لا بتفكر أنفسهم ونظر عقولهم بل بمحض فيض الله والهامه انتهى كلامه الشريف قدس سره اللطيف وقال عبد الرحمن البسطامي قدس سره مؤلف الفوائح المسكية في بحر الوقوف ثم ان بعض الأنبياء علموا اسرار الحروف بالوحى الرباني والإلقاء الصمداني وبعض الأولياء بالكشف الجلى النورانى والفيض العلى الروحاني وبعض العلماء بالنقل الصحيح والعقل الرجيح وكل منهم قد اخبر أصحابه ببعض اسرارها اما بطريق الكشف والشهود او بطريق الرسم والحدود والصحيح ان الله تعالى طوى علم اسرار الحروف عن اكثر هذه الامة لما فيها من الحكم الالهية والمصالح الربانية ولم يأذن للاكابر ان يعرفوا منه الا بعض أسراره التي يشتمل عليها تركيبها الخاص المنتج انواع التسخيرات والتأثيرات في العوالم العلويات والسفليات الى غير ذلك انتهى كلام بحر الوقوف وفي التأويلات النجمية هيئة الصلاة التي ذكرت في القرآن ثلاث القيام لقوله تعالى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ والركوع لقوله تعالى «واركعوا مع الراكعين» والسجود لقوله تعالى «واسجد واقترب» فالالف في الم اشارة الى القيام واللام اشارة الى الركوع والميم اشارة الى السجود يعنى من قرأ سورة الفاتحة التي هي مناجاة العبد مع الله في الصلاة التي هي معراج المؤمنين يجيبه الله تعالى بالهداية التي طلبها منه بقوله اهدنا ثم اعلم ان المتشابه كالمحكم من جهة اجر التلاوة لما ورد عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله ﷺ (من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف بل الف حرف ولام حرف وميم حرف) ففى الم تسع حسنات ذلِكَ الْكِتابُ الم مبتدأ على انه اسم القرآن على أحد الوجوه وذلك خبره اشارة الى الكتاب فيكون الكتاب صفة والمراد به الكتاب الكامل الموعود انزاله في الكتب المتقدمة وانما أشار بذلك الى ما ليس ببعيد لان الكتاب من حيث كونه موعودا فى حكم البعيد قالوا لما انزل الله تعالى على موسى التوراة وهي الف سورة كل سورة الف آية قال موسى عليه السلام يا رب ومن يطيق قراءة هذا الكتاب وحفظه فقال تعالى انى انزل كتابا أعظم من هذا قال على من يا رب قال على خاتم النبيين قال وكيف تقرؤه أمته ولهم أعمار قصيرة قال انى أيسره عليهم حتى يقرؤه صبيانهم قال يا رب وكيف تفعل قال انى أنزلت من السماء الى الأرض مائة وثلاثة كتب خمسين على شيث وثلاثين على إدريس وعشرين على ابراهيم والتوراة عليك والزبور على داود والإنجيل على عيسى وذكرت الكائنات في هذه الكتب فأذكر جميع معانى هذه الكتب فى كتاب محمد واجمع ذلك كله فى مائة واربع عشرة سورة واجعل هذه السور في ثلاثين حزأ والاجزاء في سبعة اسباع ومعنى هذه الأسباع في سبع آيات الفاتحة ثم معانيها في سبعة أحرف وهي بسم الله ثم ذلك كله


الصفحة التالية
Icon