الأخلاق وهي مستورة فيها فتخرج مع ثمرة الأعمال وهي الإقرار والإنكار والايمان والكفر فيختم ظهور سر القدر وهو السعادة او الشقاوة بثمرة الايمان او الكفر فيظهر سر القدر عند الختم بالسعادة او الشقاوة فالذين خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ انما ختم بخاتم كفرهم وان كان نقش خاتمهم هو الاحكام الازلية وسر القدر حتى حرموا من دولة الوصال وبه ختم عَلى سَمْعِهِمْ حتى لم يسمعوا خطاب الملك ذى الجلال وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ من العمى والضلال فلم يشاهدوا ذلك الجمال والكمال فلهم حرمان مقيم وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لانهم منعوا من مرادهم وهو العلى العظيم فعظم العذاب يكون على قدر عظمة المراد الممنوع منه انتهى ما في التأويلات وَمِنَ النَّاسِ لما افتتح سبحانه وتعالى كتابه بشرح حاله وساق لبيانه ذكر الذين أخلصوا دينهم لله وواطأت فيه قلوبهم ألسنتهم وثنى باضدادهم الذين محضوا الكفر ظاهرا وباطنا ثلث بالقسم الثالث المذبذب بين القسمين وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم تكميلا للتقسيم وهم اى المنافقون أخبث الكفرة وابغضهم الى الله لانهم موهوا الكفر وخلطوا به خداعا واستهزاء ولذلك طول فى بيان خبثهم قال القاشاني الاقتصار في وصف الكفار المصرين المطبوع على قلوبهم على آيتين والاطناب في وصف المنافقين في ثلاث عشرة آية للاضراب عن أولئك صفحا إذ لا ينجع فيهم الكلام ولا يجدى عليهم الخطاب واما المنافقون فقد ينجع فيهم التوبيخ والتعبير وعسى ان يرتدوا بالتشنيع عليهم وتفظيع شأنهم وسيرتهم وتهجير عادتهم وخبث نيتهم وسريرتهم وينتهوا بقبيح صورة حالهم وتفضيحهم بالتمثيل بهم وبطريقيتهم فتلين قلوبهم وتنقاد نفوسهم وتزكى بواطنهم وتضمحل رذائلهم فيرجعون عماهم عليه ويصيرون من المستثنى في قوله تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً والناس اسم جمع للانسان سمى به لانه عهد اليه فنسى قال تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ولذلك جاء في تفسير قوله تعالى إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ اى نساء للنعم ذكار للمحن وقيل لظهوره من آنس اى ابصر لانهم ظاهرون مبصرون ولذلك سموا بشرا كما سمى الجن جنا لاجتنانهم اى استتارهم عن أعين الناس وقيل هو من الانس الذي هو ضد الوحشة لانهم يستأنسون بامثالهم او يستأنس أرواحهم بأبدانهم وأبدانهم بأرواحهم واللام فيه للجنس ومن في قوله مَنْ يَقُولُ موصوفة إذ لا عهد فكانه قال ومن الناس ناس يقولون اى يقرون باللسان والقول هو التلفظ بما يفيد ويقال بمعنى المقول وللمعنى المتصور في النفس المعبر عنه باللفظ وللرأى وللمذهب مجازا ووحد الضمير في يقول باعتبار لفظ من وجمعه في قوله آمَنَّا وقوله وَما هُمْ باعتبار معناها لان كلمة من تصلح للواحد والجمع او اللام فيه للعهد والمعهود هم الذين كفروا ومن موصولة مراد بها عبد الله بن ابى بن سلول وأصحابه ونظراؤه من المنافقين حيث أظهروا كلمة الإسلام ليسلموا من النبي عليه السلام وأصحابه واعتقدوا خلافها وأكثرهم من اليهود فانهم من حيث انهم صمموا على النفاق دخلوا في عداد الكفار المختوم على قلوبهم واختصاصهم


الصفحة التالية
Icon