للخلافة في الأرض باتباعكم الهوى وحرصكم على الدنيا قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ لا يقبلون النصيحة غافلين عن حقيقتها: كما قال السعدي
كسى را كه پند ار در سر بود | مپندار هرگز كه حق بشنود |
ز علمش ملال آيد از وعظ ننك | شقايق بباران نرويد ز سنگ |
فكذبهم الله تعالى بقوله أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ يفسدون صلاح آخرتهم بإصلاح دنياهم وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ اى لا شعور لهم بإفساد حالهم وسوء أعمالهم وعظم وبالهم من خسار حسن صنيعهم وادعائهم بالصلاح على أنفسهم كما قال الله تعالى قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الآية: قال المولى جلال الدين قدس سره
اى كه خود را شير يزدان خوانده | سالها شد با سكى درماندة |
چون كند آن سك براى تو شكار | چون شكار سك شدستى آشكار |
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ من طرف المؤمنين بطريق الأمر بالمعروف اثر نهيهم عن المنكر إتماما للنصح وإكمالا للارشاد فان كمال الايمان بمجموع الامرين الاعراض عما لا ينبغى وهو المقصود بقوله تعالى لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ والإتيان بما ينبغى وهو المطلوب بقوله تعالى آمِنُوا حذف المؤمن به لظهوره اى آمنوا بالله وباليوم الآخر او أريد افعلوا الايمان كَما آمَنَ النَّاسُ الكاف في محل النصب على انه نعت لمصدر مؤكد محذوف اى آمنوا ايمانا مماثلا لايمانهم فما مصدرية او كافة اى حققوا ايمانكم كما تحقق ايمانهم واللام في الناس للجنس والمراد به الكاملون في الانسانية العاملون بقضية العقل او للعهد والمراد به الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه او من آمن من اهل بلدتهم اى من اهل ضيعتهم كابن سلام وأصحابه والمعنى آمنوا ايمانا مقرونا بالإخلاص متمحضا من شوائب النفاق مماثلا لايمانهم قالُوا مقابلين للامر بالمعروف بالإنكار المنكر واصفين للمراجيح الرزان بضد اوصافهم الحسان أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ الهمزة فيه للانكار واللام مشار بها الى الناس الكاملين او المعهودين او الى الجنس باسره وهم مندرجون فيه على زعمهم الفاسد والسفه خفة عقل وسخافة رأى يورثهما قصور العقل ويقابله الحلم والاناة وانما نسبوهم اليه مع انهم في الغاية القاصية من الرشد والرزانة والوقار لكمال انهماك أنفسهم في السفاهة وتماديهم في الغواية وكونهم ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا فمن حسب الضلال هدى يسمى الهدى لا محالة ضلالا او لتحقير شأنهم فان كثيرا من المؤمنين كانوا فقراء ومنهم موالى كصهيب وبلال او للتجلد وعدم المبالاة بمن آمن منهم على تقدير كون المراد بالناس عبد الله بن سلام وأمثاله فان قيل كيف يصح النفاق مع المجاهرة بقوله أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ قلنا فيه اقوال الاول ان المنافقين لعنهم الله كانوا يتكلمون بهذا الكلام في أنفسهم دون ان ينطقوا به بألسنتهم لكن هتك الله تعالى استارهم واظهر أسرارهم عقوبة على عداوتهم وهذا كما اظهر ما أضمره اهل الإخلاص من الكلام الحسن وان لم يتكلموا به بالألسن تحقيقا لولايتهم قال الله تعالى يُوفُونَ بِالنَّذْرِ الى ان قال إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ وكان هذا في قلوبهم فاظهره الله