قعره حيث يكون ماؤه أصفى واجلى فكذا القلب إذا حصل له العلم من طريق الحواس الخمس الظاهرة لا يخلو عن كدرة وشك وشبهة بخلاف ما إذا ظهر من صميم القلب بطريق الفيض فانه أصفى واولى وقال الشيخ زين الدين الحافى رحمه الله والعجب ممن دخل في هذه الطريقة وأراد ان يصل الى الحقيقة وقد حصل من الاصطلاحات ما يستخرج بها المعاني من كتاب الله وأحاديث رسوله ﷺ ثم لا يشتغل بذكر الله وبمراقبته والاعراض عما سواه لتنصب الى قلبه العلوم اللدنية التي لو عاش الف سنة في تدريس الاصطلاحات وتصنيفها لا يشم منها رائحة ولا يشاهد من آثارها وأنوارها لمعة فالعلم بلا عمل عقيم والعمل بلا علم سقيم والعمل بالعلم صراط مستقيم: قال في المثنوى
آنكه بي همت چهـ با همت شده | وآنكه با همت چهـ با نعمت شده |
وفي التأويلات النجمية وَإِذا قِيلَ لَهُمْ اى لاهل الغفلة والنسيان آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ اى بعض الناسين منكم الذين تفكروا في آلاء الله تعالى وتدبروا آياته بعد نسيان عهد الست بربكم ومعاهدة الله تعالى على التوحيد والعبودية فتذكروا تلك العهود والمواثيق فآمنوا بمحمد ﷺ وبما جاء به قالُوا اى اهل الشقاوة منهم أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ فكذلك احوال اصحاب الغفلات مدعى الإسلام إذا دعوا عن الايمان التقليدى الذي وجدوه بالميراث الى الايمان الحقيقي المكتسب بصدق الطلب وترك محبة الدنيا واتباع الهوى والرجوع الى الخلق والتمادي في الباطل ينسبون ارباب القلوب واصحاب الكرامات العالية الى السفه والجنون وينظرون إليهم بنظر العجز والذلة والقلة والمسكنة ويقولون أن ترك الدنيا كما ترك هؤلاء السفهاء من الفقراء لنكون محتاجين الى الخلق كما هم محتاجون ولا يعلمون انهم هم السفهاء لقوله تعالى أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ فهم السفهاء بمعنيين أحدهما انهم يبيعون الدين بالدنيا والباقي بالفاني لسفاهتهم وعدم رشدهم والثاني انهم سفهوا أنفسهم ولم يعرفوا حسن استعدادهم للدرجات العلى والقربة والزلفى فرضوا بالحياة الدنيا ورغبوا عن مراتب اهل التقى ومشارب اهل النهى كما قال الله تعالى وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ فانه من عرف نفسه فقد عرف ربه ومن عرف ربه ترك غيره وعرف اهل الله وخاصته فلا يرغب عنهم ولا ينسبهم الى السفه وينظر إليهم بالعزة فان الفقراء الكبراء هم الملوك تحت الاطمار ووجوههم المصفرة عند الله كالشموس والأقمار ولكن تحت قباب العزة مستورون وعن نظر الأغيار محجوبون: قال فى المثنوى
مهر پاكان در ميان جان نشان | دل مده الا بمهر دلخوشان [١] |
گر تو سنگ صخره ومرمر شوى | چون بصاحب دل رسى جوهر شوى |
انهم تحت قبابى كامنون | جز كه يزدانشان نداند ز آزمون [٢] |
وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا بيان لمعاملتهم مع المؤمنين والكفار وما صدرت به القصة فمساقه لبيان مذهبهم وتمهيد نفاقهم فليس بتكرير اى هؤلاء المنافقون إذا عاينوا وصادقوا