والطاعة وإياكم وما يرديكم من الكفر والعصيان قال القاسم رحمه الله خاطبهم مخاطبة حال كونهم ذرا فسماهم كافرين ومؤمنين فى أزله وأظهرهم حين أظهرهم على ما سماهم وقدر عليهم فأخبر بأنه علم ما يعملونه من خير وشر. واعلم ان الله تعالى يعلم لكنه يحلم ويقدر لكنه يغفر الا ان من أقصته السوابق لم تدنه الوسائل ومن أقعده جده لم ينفعه كده قيل ان بعض الأكابر بلغه أن يهوديا أوصى أن يحمل من بلده إذا مات ويدفن فى بيت المقدس فقال أيكابر الأزل أما علم انه لو دفن فى فراديس العلى لجاءت جهنم بأنكالها وحملته الى نفسها والناس على اربعة اقسام اصحاب السوابق وهم الذين تكون فكرتهم ابدا فيما سبق لهم من الله لعلمهم ان الحكم الأزلي لا يتغير باكتساب العبيد واصحاب العواقب وهم الذين يكفرون ابدا فيما يختم به أمرهم فان الأمور بخواتمها والعاقبة مستورة ولهذا قيل لا يغرنكم صفاء الأوقات فان تحتها غوامض الآفات واصحاب الوقت وهم الذين لا يتفكرون فى السوابق ولا فى اللواحق اى العواقب بل يشتغلون بمراعاة الوقت وأداء ما كلفوا من احكام ولهذا قيل العارف ابن وقته وقيل الصوفي من لا ماضى له ولا مستقبل (وفى المثنوى)

صوفى ابن الوقت باشد اى رفيق نيست فردا كفتن از شرط طريق
والقسم الرابع هم الذين غلب عليهم ذكر الحق فهم مشغولون بشهود الموقت عن مراعاة الوقت وفى الآية اشارة الى هويته المطلقة عن النسب والإضافات خلقكم اى تجلى لتعيناتكم الجنسية والنوعية والشخصية من غير تقييد وانحصار فمنكم اى فمن بعض هذه التعينات كافر يستر الحق المطلق بالخلق المقيد ويقول بالتفرقة دفعا لطعن الطاعن ومن بعض هذه التعينات مؤمن يؤمن بظهور الحق فى الخلق ويستر الخلق بالحق ويقول بالجمعية تأنيسا للمكاشفين بالحقائق والله بما تعملون بصير من ستر الحق بالخلق دفعا للطاعن ومن ستر الخلق بالحق تأنيسا للطالب الواجد خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ اى بالحكمة البالغة المتضمنة للمصالح الدينية والدنيوية والمراد السموات السبع والأرضون السبع كما يدل عليه التصريح فى بعض المواضع قال تعالى خلق سبع سموات طباقا وقال تعالى الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن فان قلت ما وجه عدم ذكر العرش والكرسي فى أمثال هذه المواضع مع عظم خلقهما قلت انهما وان كانا من السماء لان السماء هو الفلك والفلك جسم شفاف محيط بالعالم وهما أوسع الافلاك احاطة الا ان آثارهما غير ظاهرة مكشوفة بخلاف السموات والأرض وما بينهما فانها أقرب الى المخاطبين المكلفين ومعلوم حالها عندهم ومكشوفة آثارها ومنفعتها ولهذا قالوا ان الشمس تنضج الفواكه والقمر يلونها والكواكب تعطيها الطعم الى غير ذلك مما لا يتناهى على ان التغيرات فيها اظهر فهى على عظم القدرة أدل وقد قال تعالى كل يوم هو فى شأن واكثر هذه الشؤون فى عالم الكون والفساد الذي هو عبارة عن السموات والأرض إذ هما من العنصريات بخلاف العرش والكرسي فانهما من الطبيعيات ولهذا لا يفنيان وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ الفاء للتفسير اى صوركم احسن تصوير وخلقكم فى أحسن


الصفحة التالية
Icon